فكذلك لا تأثير لتكرر السجود، والحنفية يعدون القعدة الأخيرة فرضًا لا يتكرر، مع وجود قعدة أولى في الصلاة من جنسها، فلا يصح في التفريق أثر يمكن الاحتجاج به، ولا نظر مطرد يمكن التسليم له.
وأما احتجاجهم بأن الترتيب بين الركعات ليس من الفروض بحجة أن ما يقضيه المسبوق، فهو أول صلاته، فهذه مسألة خلافية، والأصح فيها أن ما يقضيه هو آخر صلاته؛ لرواية الصحيحين:(وما فاتكم فأتموا)، وسوف تأتي هذه المسألة في مبحث خاص في أحكام الائتمام، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه.
القول الثاني:
ذهب المالكية إلى أن من ترك ركنًا من أركان الصلاة سهوًا، فإما أن يكون النقص من الركعة الأخيرة أو من غيرها.
فإن كان النقص من الركعة الأخيرة، فإما أن يسلم معتقدًا التمام، أو لا.
فإن لم يسلم، فإن كان المتروك هو الفاتحة انتصب قائمًا، فقرأها، ثم أتم ركعته، وإن كان الركوع رجع قائمًا لينحط له من قيام، وندب له ليقرأ شيئًا من غير الفاتحة ليكون ركوعه عقب قراءة، ثم يركع ويتم ركعته، وإن كان المتروك الرفع منه رجح محدودبًا، فإذا وصل الركوع اطمأن ثم رفع وأتم ركعته، وقال ابن حبيب: يرجع قائمًا. وإن كان المتروك السجود، فإن كان سجودًا واحدًا، سجده وهو جالس، وأعاد التشهد، وسلم، وإن كان المتروك سجدتين، أتى بهما من قيام؛ لينحط لهما من قيام، فلو فعلهما من جلوس عمدًا كره، ولم تبطل صلاته، وسهوًا يسجد لتركه قبل السلام، فالانحطاط لهما غير واجب.
وإن سلم من الركعة الأخيرة معتقدًا تمام صلاته ثم تذكر الركن المتروك منها فات التدارك؛ وألغى ركعة النقص فيصلي ركعة بدلها إن قرب تذكره عرفًا، ولم يخرج من المسجد، فإن طال الفصل أو خرج من المسجد بطلت صلاته.
وإن كان النقص من غير الركعة الأخيرة، فإنه يأتي به على التفصيل السابق ما لم يعقد ركوعًا، وعقد الركعة عند ابن القاسم: يكون برفع رأسه من ركوع يلي ركعة النقص، فإذا رفع رأسه من الركوع معتدلًا مطمئنًّا فات التدارك، وبطلت ركعة النقص،