ويوافقه أبو حنيفة وأبو يوسف في قلب نية الفريضة إلى نافلة، وأما انقلابها إلى نفل حكمًا إذا فسدت الفريضة فيستثني أبو حنيفة وأبو يوسف ثلاث مسائل قالوا تنقلب إلى نفل حكمًا، منها: إذا تذكر فائتة، وهو يصلي الحاضرة، وفي طلوع الشمس، وهو يصلي الفجر، وإذا خرج وقت الظهر في الجمعة. انظر: البحر الرائق (١/ ٣٩٩)، الجوهرة النيرة (١/ ٦٦، ٤٩)، فتح القدير (١/ ٤٩٥، ٣٦٤)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٠٩). وقد ذكر صاحب الدر المختار شرح تنوير الأبصار مسألة أخرى، قال (ص: ٦٢): «لو أدرك القوم في الصلاة، فلم يدر أفرض أم تراويح، ينوي الفرض، فإن هم فيه صح، وإلا تقع نفلًا». وذهب المالكية إلى القول بأنه لا يمكن بناء صلاة على تحريمة صلاة أخرى، فلا يصح للمصلي أن يقلب نيته من فرض إلى نافلة، ولكن ينقلب حكم الفريضة إلى نافلة إذا فسدت الفريضة في صورتين: أحدهما: إذا أحرم بالفريضة قبل وقتها، انقلبت نفلًا. الثاني: إذا أحرم بالفريضة، ثم تذكر أنه قد صلاها فإن له أن يبني عليها، وتكون نافلة في حقه. انظر: حاشية الدسوقي (١/ ٢٣٥)، مواهب الجليل (١/ ٥١٦)، شرح الزرقاني على خليل (١/ ٣٤٧، ٣٤٨)، مسائل أبي الوليد ابن رشد (١/ ٤٩٣)، شرح التلقين (٢/ ٥٨٤)، الذخيرة للقرافي (٢/ ١٣٨). وقال الشافعية: إن قلب المصلي صلاته التي هو فيها إلى صلاة أخرى عالمًا عامدًا بطلت صلاته التي هو فيها، ولم تحصل له الصلاة الأخرى. وأما انقلاب الفرض إلى نفل حكمًا فصححوه في مسألتين، واختلفوا في الثالثة، والأصح أنها لا تنقلب نفلًا: أحدها: إذا أحرم بالفرض قبل الوقت، فإن فرضه ينقلب إلى نفل حكمًا. الثاني: للمنفرد أن يقلب فرضه إلى نفل لمسوغ صحيح لمصلحة الصلاة، كمنفرد رأى جماعة فأراد الدخول معهم في الفرض، فقلب فرضه نفلًا ليدرك الجماعة معهم. وأما المسألة الثالثة التي اختلفوا فيها، فيما إذا شرعوا في الجمعة في وقتها، ثم خرج الوقت قبل السلام، فاتت الجمعة بلا خلاف، وانقلبت على الصحيح ظهرًا، وفيه قول مخرج عندهم: لا يجوز إتمامها ظهرًا، وتنقلب نفلًا في أحد الوجهين. فإن قلب المصلي فرضه إلى نفل بلا سبب فالأظهر البطلان. وقيل: يصح، وهو قول في مقابل الأظهر. والله أعلم. وانظر: الأم (١/ ١٢١)، روضة الطالبين (١/ ٢٢٨)، الحاوي الكبير (٢/ ٣٣٨)، المجموع (٤/ ٢١١)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٩)، كفاية الأخيار (ص: ١٢١)، غاية البيان بشرح زبد ابن رسلان (ص: ١٠٣)، العباب المحيط (١/ ٣٢٣).