استدلَّ الشافعية بها على أن الصحابة بقوا على إحرامهم، وأن النبي ﷺ حين عاد بنوا على ما مضى من صلاتهم، فلم يستأنفوا تكبيرة الإحرام؛ لأن النبي ﷺ لو أمرهم أن يستأنفوا الصلاة لنقل ذلك، فلما لم ينقل عُلِم أنهم قد بنوا على ما مضى من إحرامهم.
• ونوقش من أكثر من وجه:
الوجه الأول:
ما ورد في الباب، لا يصح منه شيء، فحديث أبي هريرة لا يصلح للاعتبار؛ لأنه شاذ.
وحديث أبي بكرة، ضعيف؛ لتفرد حماد بن سلمة به، وقد تغير بآخرة، وقد قيل: إن الحسن لم يسمعه من أبي بكرة.
وحديث عطاء بن يسار صحيح الإسناد لكنه مرسل، وهو حجة عند من يرى الاحتجاج بالمرسل مطلقًا كجمهور الفقهاء خلافًا لجمهور المحدثين.
وحجة كذلك عند من يشترط للاحتجاج بالمرسل أن يعتضد كالشافعي -عليه رحمة الله- فقد اعتضد بحديث أبي بكرة، وبمرسل بكر المزني، ومرسل الربيع بن محمد، فمجموعها يفيد قوة.
وأصح هذه المراسيل مرسل عطاء بن يسار، ويعارضه مرسل ابن سيرين، فإنه يفيد عدم البناء؛ لأمرهم بالجلوس، وسوف يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
قال ابن رجب:«وهذه كلها مرسلات، وحديث الحسن عن أبي بكرة في معنى المرسل؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي بكرة عند الإمام أحمد والأكثرين من المتقدمين»(١).
الوجه الثاني:
على فرضنا أن يكون حديث أبي بكرة صحيحًا؛ لتقويته بالمراسيل، فإن هناك تجاذبًا قويًّا في دلالتها على مراد الشافعية.
فمن أهل العلم من رأى أن حديث أبي بكرة وحديث أنس -أن النبي ﷺ تذكر بعد أن دخل في الصلاة- معارَضٌ بحديث أبي هريرة في الصحيحين، أنه تذكر قبل أن يكبر،