والفرق بينهما: أن غسل النجاسة إن كان ابتداء من غير سبق حدث لم يصح البناء؛ لأن البناء جاء على خلاف القياس، وإنما سلمنا الحكم للنص، وهو إنما ورد في الحدث الأصغر، وبقي ما عداه على الأصل من المنع على البناء.
وإن كانت النجاسة من سبق الحدث، كما لو قاء أو رعف فأصاب ثوبه كان غسل النجاسة تبعًا للحدث، فيتوضأ ويغسل ثوبه تبعًا للوضوء.
وقيل: إذا لم يمكنه نزعه تمادى، وأعاد، اختاره ابن الماجشون (١).
وهذه الأقوال ترجع إلى مسألة حكم اشتراط الطهارة من النجاسة في الصلاة، فالفقهاء يتفقون على اشتراط الطهارة من الحدث لصحة الصلاة، ويختلفون في اشتراط الطهارة من الخبث لصحة الصلاة:
وقد سبق لي بحث هذه المسألة في شروط الصلاة، وكان اختلافهم فيها على النحو التالي.
فقيل: الطهارة من النجاسة شرط على خلاف بينهم،
فقيل: شرط مطلقًا حتى مع العجز، على اختلاف بينهم إذا لم يجد إلا ثوبًا نجسًا،
فقيل: يصلي عاريًا، وهو الأصح في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة، وبه قال أبو الفرج من المالكية.
وقيل: يصلي بالنجس ويعيد وجوبًا إذا قدر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، وقول في مذهب الشافعية.
وقيل: شرط على القادر فقط دون العاجز، فإن صلى بالنجس ناسيًا لم يجزئه، وهو مذهب الحنفية، واختاره ابن وهب من المالكية، والمزني من الشافعية.
وقيل: شرط مع القدرة والتذكر دون العاجز والناسي، فلو صلى بالنجاسة ذاكرًا قادرًا على إزالتها أعاد أبدًا في الوقت وغيره. وإن صلى بها عاجزًا، أو ناسيًا صحت صلاته، ويعيدها في الوقت، وهو مذهب المدونة، وقال الحطاب: وهو المعتمد في المذهب.
وقيل: الطهارة من النجاسة واجبة وليست بشرط، فإن صلى بالنجاسة عامدًا
(١) شرح زروق على الرسالة (١/ ١٢٤).