ثبت الأمر بالأذان في حديث أبي قتادة، وثبت الأمر بالإقامة من حديث أبي هريرة، وإذا أمر بهما المسافر في حال القضاء، كان مأمورًا بهما في حال الأداء؛ لأن القضاء يحكي الأداء، والأصل في الأمر الوجوب.
* ونوقش:
بأن الكلام ليس في مشروعية الأذان للمسافرين، فهذا فيه نصوص صحيحة، مُجْمَعٌ على صحتها في البخاري ومسلم، وإنما النقاش في وجوبه عليهم، والاستدلال بأن الأصل في الأمر الوجوب فيه نزاع معلوم في كتب أصول الفقه، والقائلون به يصرفون الأمر عن الوجوب لأدنى صارف، والصارف هنا عن الوجوب: أن الجمعة إذا كانت لا تجب على المسافر، فكذلك الجماعة من باب أولى، وإذا لم تجب الجماعة لم يكن هناك معنى لوجوب التأذين، فإن أذنوا فحسن، كما يستحب لمن يصلي منفردًا أن يؤذن، ولا يقال بوجوبه عليه، وإنما الوجوب يكون حيث تجب الجماعة التي ينادى لها، والله أعلم.
* ورد هذا:
بأن الجمعة لا تجب على المسافر بنفسه، وأما وجوبها عليه في غيره إذا أقيمت، وكان في البلد، ولم يكن قد جد به السير فليس ممتنعًا؛ لعموم قوله: تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩]، فعموم الآية يشمل الحاضر، كما يشمل المسافر.
ولحديث: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب، وهو مطلق، ومن قَيَّده بالحاضر فقد قَيَّده بلا برهان، ومثل الجمعة الجماعة.
الدليل الثالث:
أن النصوص التي تأمر بالأذان عامة، أو مطلقة، والقول بأنها للحاضر فقط تخصيص، أو تقييد بلا دليل.
* دليل من قال: لا يؤذن إلا في الفجر خاصة:
(ث-٥٧) ما روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن نافع،