للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تفسد الصلاة بارتكابه عمدًا بلا عذر، إذا عرفت هذا لا يمكن القول بإبطال العبادة إلا ببرهان بيِّن، وجماهير أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة على كراهة التخصر، ونصوص الحنفية على القول بالكراهة، والمتأخرون من الحنفية كابن نجيم وابن عابدين حملوه على الكراهة التحريمية، تبعًا لقواعد المذاهب، وهو أن ما ثبت النهي عنه بدليل ظني وكان النهي صريحًا فهو مكروه تحريمًا، وما ثبت النهي عنه بدليل قطعي فيطلق عليه لفظ المحرم، وما أفاد الترك بلا نهي صريح فيحمل على الكراهة التنزيهية، وهو تفريق اصطلاحي عندهم كما فرقوا بين الفرض والواجب (١)، ولم أقف على نص من ظاهر الرواية يقول بكراهته تحريمًا، ولا من أقوال الشيوخ المتقدمين، لهذا كله أجدني أميل إلى القول بالكراهة؛ لأنه هو المتيقن، ولكون الصلاة لا تفسد بفعله عمدًا، ولم يقل أحد ببطلان الصلاة بفعله عمدًا إلا ابن حزم، وينبغي أن يكون على وفق مذهب الظاهرية، وقواعد استدلالهم، وهم يتعاملون مع النصوص بدلالتها اللغوية، وسبق أن أشرت في بحث سابق أن اللغة هي إحدى أدوات فهم النص، وليست الأداة الوحيدة لفهم النصوص الشرعية، فالنهي كما يستفاد منه التحريم، قد يأتي للكراهة، والأمر كما يستفاد منه الوجوب، يأتي للندب، ولابد من القول بفساد الصلاة أن يكون ذلك مأخوذًا من فهم السلف للنصوص الشرعية، والله أعلم.


(١) انظر: البحر الرائق (٢/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>