للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النصرانية فيها محاريب تشبه محاريب المسلمين.

فالمنهي عنه لعلة التشبه على نوعين:

نوع نص الشارع بفعله أو تركه مخالفة للمشركين.

فهذا نتمسك بالنص مطلقًا، حتى ولو تغير حال المشركين، كإعفاء اللحى مخالفة للمشركين، وتغيير الشيب للعلة نفسها، فلو أن المشركين أعفوا لحاهم لم يحملنا ذلك على حلق اللحية؛ لأنهم حينئذ تشبهوا بالمسلمين، وليس العكس.

والنوع الثاني: كان إلحاقه بالتشبه عن طريق الاجتهاد، كمسألة المحاريب حيث لا يوجد نص مرفوع ينهى عن اتخاذ المحاريب مخالفة للمشركين.

فهذا النوع من التشبه متى انتفى انتفت الكراهة؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فالمقطوع فيه في هذا العصر أنه لا يوجد أي تشابه بين المحاريب الإسلامية، ومحاريب أهل الكتاب إلا من حيث الدلالة اللغوية، باعتبار أن المحراب في اللغة: صدر المجلس والمكان والبيت، وأشرف موضع فيه.

فالمحاريب اليوم لدى النصارى هي منصة مرتفعة مشرفة على مجموعة من المصلين يستقبلهم القس ويستقبلونه فيقوم عليها مرددًا ابتهالاته، ويفتتحها بقوله: (أباءنا الذي في السموات ليتقدس اسمك … ) ويختمها بهذا الدعاء، وليس لصلاتهم أي شروط تتعلق بالطهارة ولا باللباس، ولا بالوقت، ولا بالاستقبال، فقبلة القس استقبال المصلين وقبلة المصلين استقبال القس، وتعلق الصلاة بالوقت هي مسألة تنظيم راجع لاختيار المصلين.

فأين هذه المنصة المشرفة عن محاريب المسلمين والتي هي مجرد انحناء في حائط المسجد، بمقدار متر أو مترين لا يرتفع فيه الإمام على المصلين، فلا محاريبنا تشبه محاريبهم، ولا صلاتنا تشبه صلاتهم، فما أبعد قول من قال: إنها تشبه محاريب النصارى وبإمكان كل باحث أن يدخل إلى قوقل، ويبحث: كيف يصلي النصارى في كنائسهم؛ ليشاهد كيف يصلون، فلعلها سميت محرابًا عند النصارى من جهة اللغة، لا من جهة تشابه البناء، فهي مكان مرتفع يشرف على مجموعة من الكراسي يقعد عليها من يدخل الكنيسة للصلاة، وهي أشبه بالمسرح منها بمحراب المسجد،

<<  <  ج: ص:  >  >>