للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• لو كان الصحابة متفقين على كراهتها لما انتشرت المحاريب في عصر التابعين، ولما ذهب الأئمة الأربعة إلى جواز بنائها في الجملة، وإنما اختلفوا في الصلاة فيها، وهما مسألتان.

• اتخاذ المحاريب في شرع من قبلنا لا يعني كراهة اتخاذها في شريعتنا إلا لو جاء في شرعنا ما يدل على النهي عنها، ولم يصح في النهي عنها شيء يعتمد عليها، لا من الأحاديث، ولا من الآثار.

[م-٧٤٩] المحراب معروف، ويطلق عليه الطاق، قال الجوهري: الطاق ما عطف من الأبنية، والجمع طاقات، وطيقان: فارسي معرب.

هذه المسألة لها علاقة في كراهة اختلاف مكان الإمام عن مكان المأموم، فالجماعة عقدت من أجل الاجتماع، واجتماع الأبدان وسيلة لاجتماع القلوب، فإذا كره للإمام أن ينفرد عن جماعته بمكان مرتفع، كره له أن يغيب عن جماعته في المحراب، فلا يراه كثير من المصلين، فأين صلاة الجماعة، وأين الاجتماع؟

قال في شرح الجامع الصغير: ويكره -يعني الصلاة في المحراب- لأنه يشبه اختلاف المكانين، ألا ترى أن الإمام إذا كان في الدكان منفردًا يكره (١).

[م-٧٥٠] وقد اختلف العلماء في الصلاة في المحراب:

فقيل: يكره قيام الإمام في المحراب، أما لو قام خارجه وسجد في المحراب فلا بأس، وهذا مذهب الحنفية والمشهور من مذهب الحنابلة، وقول في مذهب المالكية، واختاره الأذرعي من الشافعية.

وكره السيوطي من الشافعية وابن حزم اتخاذ المحاريب في المساجد، وهذا أعم من كراهة الصلاة فيها (٢).


(١) الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٨٦).
(٢) الجامع الصغير (ص: ٨٦)، تبيين الحقائق (١/ ١٦٥)، البحر الرائق (٢/ ٢٧)، العناية شرح الهداية (١/ ٤١٢)، شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٥١٧)، حاشية الطحطاوي على المراقي (ص: ٣٦٠، ٣٦١)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٣١).
ونقل أبو طالب عن الإمام أحمد كما في الفروع (٣/ ٥٥): «لا أحب أن يصلي في الطاق، وقد
كرهه علي، وابن مسعود، وابن عمر، وأبو ذر .... واقتصر ابن البناء عليه».
وجاء في نهاية المحتاج (١/ ٤٤٠): قال الأذرعي: يكره الدخول في طاقة المحراب، ورأيت بهامش نسخة قديمة: ولا يكره الدخول في الطاقة خلافًا للسيوطي».
ونقل الشرواني ذلك في حاشيته على تحفة المحتاج (١/ ٤٩٩)، وزاد: «عبارة البرماوي: ولا تكره الصلاة في المحراب المعهود، ولا بمن فيه خلافًا للجلال السيوطي … ».
وقد ألف السيوطي رسالة سماها: (إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب).
وقال ابن حزم في المحلى (٣/ ١٥٨): «وتكره المحاريب في المساجد … ثم قال: أما المحاريب فمحدثة، وإنما كان رسول الله يقف وحده، ويصف الصف الأول خلفه».
وانظر: حاشية الجمل (١/ ٣٢٢)، الإقناع (١/ ١٧٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٨٣، ١٨٤)، مطالب أولي النهى (١/ ٦٩٦)، تحفة الراكع والساجد لأبي بكر الجراعي الحنبلي (ص: ٣٨٦)، عمدة الطالب نيل المآرب (١/ ٨٣)، المبدع (٢/ ١٠٠)، الوجيز في فقه الإمام أحمد (ص: ٨٤)، حاشية الروض (٢/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>