للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فعله أن الأمر ليس للوجوب، وهذا التوجيه أقوى من تعليل الحنفية، فقد ثبت أن النبي صلى على المنبر، فلو كان النهي للتحريم لم يفعله .

هذا توجيه الأدلة عند القائلين بالتحريم وعند القائلين بالكراهة مطلقًا.

• دليل من قال: يكره إلا لتعليم أو ضرورة:

(ح-٢٢٧٣) استدلوا بما رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري من طريق سفيان بن عيينة: حدثنا أبو حازم، قال:

سألوا سهل بن سعد: من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي بالناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة لرسول الله ، وقام عليه رسول الله حين عُمل ووُضع، فاستقبل القبلة، كبَّر، وقام الناس خلفه، فقرأ وركع، وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى، فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم ركع، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه (١).

ورواه البخاري من طريق يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد الإسكندراني.

ومسلم من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، كلاهما عن أبي حازم به، وفيه: … قال رسول الله : أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي (٢).

فكان النهي عن الصلاة في مكان أعلى من المأموم للكراهة بدليل أن النبي انتهك النهي لحجة التعليم فكانت صلاة النبي على المنبر لحاجة التعليم، وهذا دليل على أن الحاجة تبيح الكراهة.

• دليل من قال: يكره إلا أن يصلي معه طائفة من المأمومين:

صاحب هذا القول يذهب إلى أن علة النهي عن علو الإمام خشية أن يكون علوه على المأمومين سببًا في تكبره عليهم، ولقد كان الرجل يأتي إلى النبي وهو بين أصحابه، فلا يستطيع تمييزه عن بقية أصحابه مع كونه خير ولد آدم.

(ح-٢٢٧٤) فقد روى البخاري من حديث أنس بن مالك، قال: بينما نحن جلوس مع النبي في المسجد، دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد ثم


(١) صحيح البخاري (٣٧٧)، وصحيح مسلم (٤٥ - ٥٤٤).
(٢) صحيح البخاري (٩١٧)، وصحيح مسلم (٤٤ - ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>