إلا بإذن من الشارع، ويكفي أن التغميض مخالف لهدي النبي ﷺ، وهدي الصحابة رضوان الله عليهم، وكفى في هذا مخالفة.
الدليل الثاني:
قال النووي: ولأنه يجمع الخشوع، وحضور القلب، ويمنع من إرسال النظر وتفريق الذهن، ففيه مصلحة.
• ويجاب:
بأن كل مصلحة لم يأت النص بفعلها، ولا أرشد الشارع إليها، إما مطلقًا أو عند الحاجة فهي ملغاة، ولو فتح الباب في جعل تقدير مثل ذلك راجع إلى تقدير المصلي ونظره لأحدث الناس صفات في العبادة بحجة أنها أنفع للقلب وأخشع.
• دليل من قال: يكره إلا لحاجة:
أدلة هذا القول ترجع إلى أدلة القائلين بالكراهة مطلقًا، إلا أن هذا القول قيد الكراهة بتغميض العين بلا حاجة، فإن كان التغميض لمصلحة الصلاة كالمحافظة على الخشوع، أو لمصلحة المصلي كمنع بصره من النظر إلى محرم، وهو يصلي فلا يكره، واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
الدليل الأول:
استدلوا بالقاعدة التي تقول: لا كراهة مع الحاجة، ولا محرم مع الضرورة، فإذا كانت الضرورة تبيح المحرمات، فالحاجة تبيح المكروهات، ومراعاة الخشوع وتحصيل التدبر في الصلاة مقصود من إقامة الصلاة، قال الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤].
ومن أجْلِ كمال الخشوع قُدِّمَ الطعام على أداء الصلاة، حتى ولو أقيمت الصلاة وخشي من فوات الجماعة، ليأتي للصلاة وقد فرغ عقله وقلبه لمناجاة ربه، فإذا ترك الواجب لتحصيل كمال الخشوع فلأَن يرتكب المكروه لتحصيل ذلك من باب أولى.
(ح-٢٢٣١) فقد روى البخاري ومسلم من طريق الزهري،
عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ، قال: إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة،