للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والعصر ركعتين، ونصب بين يديه عنزة وتوضأ فجعل الناس يتمسحون بوضوئه (١).

وفي رواية لمسلم نحوه، وفيه: .. ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة (٢).

الدليل الثالث:

قال ابن قدامة: «ولأن الحرم كله محل المشاعر والمناسك، فجرى مجرى مكة في ما ذكرناه» (٣).

• ويناقش:

إن كانت العلة في جواز المرور في الحرم هو الزحام في المشاعر، فليكن الحكم مرتبطًا بالزحام في أي بقعة كان، وقياس الحرم كله على المسجد الحرام قياس مع الفارق، فالحرم يزدحم فيه الناس طيلة العام، وأما باقي الحرم كمزدلفة وعرفة فلا يتواجد الناس فيها إلا في يوم واحد من العام، وأربعة أيام في منى فليقيد جواز المرور عند كثرة الزحام، ومشقة الدفع على القول بأن المسجد الحرام مستثنى من تحريم المرور، والصحيح خلافه، وإذا بطل الحكم في الأصل بطل في الفرع.

وإن كانت العلة شرف البقعة، فلا يوجد في النصوص ما يدل على اعتبار هذه علة، ولذلك يحرم المرور بين يدي المصلي في مسجد النبي مع شرف المكان، والنصوص العامة لا يخصصها إلا نص مثلها، أو إجماع، ولا نص، ولا إجماع يقضي بالتخصيص، والله أعلم.

• الراجح:

أن المسجد الحرام كغيره من المساجد لا يجوز فيه المرور بين يدي المصلي إذا صلى إلى سترة، وكان إمامًا أو منفردًا، وإذا أراد الإنسان الصلاة فعليه أن يتحرى مكانًا لا يقطع صلاته أحد، ويتخذ سترة حتى يقلل من مرور الناس بينه وبين سترته، وأن يدفع المار بحسب استطاعته، فإذا غلب فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦].


(١) صحيح البخاري (٥٠١)، وصحيح مسلم (٢٥٢ - ٥٠٣).
(٢) صحيح مسلم (٢٥٠ - ٥٠٣).
(٣) المغني لابن قدامة (٢/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>