بأن هذا القول قد تفرد به بعض الحنفية، وانتقده ابن نجيم، بأنه يلزم منه أن يكون الموضع الذي يكره المرور فيه يختلف في حالة القيام عنه في حالة الركوع والجلوس، فلو مر إنسان بين يديه في موضع سجوده، وهو جالس لا يكره؛ لأن بصره لا يقع عليه حالة كونه خاشعًا، ولو مر في ذلك الموضع بعينه وهو قائم يكره؛ لأن بصره يقع عليه حالة خشوعه، وأنه لو مر داخل موضع سجوده وهو راكع لا يكره؛ لأن بصره لا يقع عليه حالة خشوعه.
قال ابن نجيم:«وهذا كله بعيد عن المذهب؛ لعدم انضباطه كما لا يخفى، والاختلاف في موضع المرور إنما هو منشأ بين المشايخ؛ لعدم ذكره في الكتاب لمحمد بن الحسن كما في البدائع، وحيث لم ينص صاحب المذهب على شيء فالترجيح لما في الهداية لانضباطه وهو بإطلاقه يشمل الصحراء والمسجد»(١).
وقد يقال: بأن مراد القائل: لا يقع بصره على المار لو صلى صلاة خاشع، يقصد به في حالة القيام؛ لأنه أكثر ما يمتد فيه البصر؛ فيكون حدًّا؛ لأنه يبعد أنه يقصد بأن يجعل في كل هيئة من الصلاة لها حدًّا مختلفًا عن الهيئة الأخرى، وإذا قدرناه في حالة القيام كان متفقًا مع ما في الهداية بتقدير ذلك بموضع السجود، والله أعلم.
• دليل من قال: يقدر حريم المصلي بالعرف:
هذا بناه على أنه لم يأت حدُّ له في الشرع، ولا حدَّ له في اللغة، وكل ما لم يأت له حد في الشرع ولا في اللغة فيرجع في تقديره إلى العرف.
وأما حديث أن النبي صلَّى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، وحديث سهل أن بين مصلى النبي ﷺ والجدار ممر شاة، فهذا في استحباب محل السترة، والبحث إنما في تقدير حريم المصلى إذا لم يتخذ سترة، وقياس هذه على تلك ليس من قياس العلة، كما أنه حكاية فعل، لا يدل على تقدير لا يزاد عليه، ولا ينقص منه.
• الراجح:
أن المصلي إذا اتخذ سترة فحريم مصلاه ما بينه وبين سترته ما لم يتباعد عنها جدًا