للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السترة؛ لأن السترة إذا كانت وسيلة لتحصيل الخشوع في الصلاة، فالخشوع قسمان:

الأول: خشوع القلب، وهو المعني باتخاذ السترة من أجله على هذا التفسير، وحكمه ليس بواجب عند الأئمة الأربعة، وحكي إجماعًا، ولو كان واجبًا لكان تفويته عمدًا يبطل الصلاة، وسهوًا يوجب السهو، وإن كان ذلك ينقص من ثوابها، فإذا كان الخشوع ليس واجبًا كانت وسيلة تحصيله على القول بأن السترة من وسائل تحصيل الخشوع ليست واجبة كذلك؛ لأن وسائل تحصيل الواجب واجبة، ووسائل تحصيل المستحب مستحبة.

القسم الثاني من الخشوع: خشوع الجوارح، وهذا ليس له علاقة بالسترة، وحكمه راجع إلى حكم الحركة في الصلاة، والفقهاء طرفان فيه ووسط، والصواب فيه أن الحركة الكثيرة إذا تفرقت حتى كانت آحادها يسيرة، أو كانت لحاجة لا تبطل الصلاة، وقد بحثت الحركة في الصلاة في مبطلات الصلاة، وأتيت على أنواع الحركة، وما يبطل الصلاة فارجع إليه.

• الراجح:

أريد أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى المنهج عند الكلام على حكم هذه المسألة الفقهية أو على غيرها من المسائل من حيث الأدلة ومن حيث الدلالة.

فمن حيث الأدلة: الحكم لما تقتضيه الصنعة الحديثية، فإن صح الأمر بالسترة في حديث صحيح سالم من الشذوذ ومن العلة، أو صح النهي عن الصلاة بلا سترة، قضي الأمر، وتعين على الباحث القول بوجوب السترة، ولم ينظر للكثرة والقلة من العلماء، إلا أن يكون هناك اتفاق بين أهل القرون المفضلة على فهم لهذه النصوص فإنه يتعين.

ومن حيث الدلالة: فإن القول بالوجوب تحكمه دلالات الألفاظ، وما يقتضيه أدلة أصول الفقه، فلا يكفي مواظبة النبي على السترة، وحرصه عليها حضرًا وسفرًا ولا حرص الصحابة عليها لا يكفي ذلك للقول بالوجوب؛ لأن هذه الأمور من حيث الدلالة لا تُبَلِّغ الوجوب.

وإذا كانت الدلالة ليست صريحة وكانت متجاذبة بين القول بالوجوب وعدمه، فإن ذلك ينبغي أن يكون في مصلحة من يقول بعدم الوجوب؛ لأنه هو الأصل، ولأن

<<  <  ج: ص:  >  >>