للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أنزله، ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه : ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسبوا القرآن، ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ عن أصحابك فلا تسمعهم، ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] (١).

فإذا اختلف الصحابة في أسباب النزول طلب مرجح خارجي لأحد القولين، وما يرجح أثر ابن عباس أن الأصل في كلام الشارع حمله على الحقيقة الشرعية إلا أن يمنع من ذلك مانع، فيحمل الكلام على الحقيقة اللغوية، ولا يوجد مانع يمنع من حمل الكلام على الحقيقة الشرعية فلا يصار إلى غيرها، والله أعلم.

الدليل الثاني:

قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠٥].

وقال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: ٥٥].

وجه الاستدلال:

فأمر الله بالذكر حال كونه في نفسه تضرعًا وخيفة؛ ليكون الذاكر مسرًّا به، متذللًا خائفًا، وحتى لا يفهم أنه ذكر في النفس دون تحريك اللسان، فقال: ﴿وَدُونَ الْجَهْرِ﴾، أي أسمع نفسك.

وأمر الله عباده بالدعاء في حال: التضرع المشتمل على التذلل والانكسار، والخفية: المنافية للجهر، وجعل الخروج من ذلك من الاعتداء به، فقال: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، والذكر والدعاء في الآية مطلقان، فيشملان الذكر والدعاء بعد الصلاة.

قال القرطبي: دل هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع (٢).

• ويجاب بأجوبة منها:

الجواب الأول:

أن قوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ الاستدلال بالآية على نفي مشروعية


(١) صحيح البخاري (٤٧٢٢)، وصحيح مسلم (١٤٥ - ٤٤٦).
(٢) تفسير القرطبي (٧/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>