للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جماعة في المسجد قبل الصلاة أو بعدها أو غيرهما من الأوقات (١).

فهذا إنكار من ابن الحاج للذكر الجماعي مطلقًا، بعد الصلاة وغيره.

وذكر الشاطبي من البدع التي تشابه الطريقة الشرعية، وهي في الحقيقة مضادة لها من أوجه متعددة، فذكر منها: «التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد» (٢).

يقول محمد بن أحمد الشقيري: «والاستغفار جماعة على صوت واحد بعد التسليم من الصلاة بدعة، والسنة استغفار كل واحد في نفسه ثلاثًا، وقولهم بعد الاستغفار: يا أرحم الراحمين ارحمنا جماعة أيضًا بدعة» (٣).

وقال محمود السبكي في إرشاد الخلق: «ما عليه غالب الناس اليوم من رفعهم الصوت بالاستغفار وبعض الأذكار على صوت واحد بعد التسليم من الصلاة أمر محدث مخالف لهدى رسول الله وأصحابه والسلف الصالح، والخير في الاتباع» (٤).

وقد ذكر ابن كثير في تاريخه نشأة هذه البدعة، فقال: «كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقيب الصلوات الخمس، فكان أول ما بدئ بذلك في جامع بغداد والرصافة يوم الجمعة لأربع عشر ليلة خلت من رمضان، وذلك أنهم كانوا إذا قضوا الصلاة قام الناس قيامًا، فكبروا ثلاث تكبيرات، ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات. وهذه بدعة أحدثها المأمون أيضًا بلا مستند، ولا دليل ولا معتمد؛ فإن هذا لم يفعله قبله أحد» (٥).

وقال أيضًا: «وأما هذه البدعة التي أمر بها المأمون؛ فإنها بدعة محدثة، لم يعمل بها أحد من السلف» (٦).


(١) انظر المدخل لابن الحاج (٢/ ٢٢٥، ٢٨١).
(٢) الاعتصام للشاطبي، (ت الهلالي) (١/ ٥٣).
(٣) السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات (ص: ٧٠)، وانظر: معجم البدع (ص: ٢٣٧).
(٤) إرشاد الخلق إلى دين الحق (٢/ ٣٥٠).
(٥) البداية والنهاية ط هجر (١٤/ ٢٠١).
(٦) المرجع السابق (١٤/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>