فالأول وهو الدعاء بتحريك الأصبع لا جدال في تعلقه بقوله: (إذا صلى الصبح) والثاني: قوله: (وإذا أراد أن يدعو رفع) إن قلنا: هذا مطلق معلق بإرادة الدعاء، ولو من غير صلاة فظاهر، وإن قلنا: إنه متعلق بالظرف في قوله: (إذا صلى الصبح)، فلا يمكن أن تفيد في الجملة الأولى: إذا صلى الصبح أي قبل أن يسلم، وهو ما حمل على الإشارة في التشهد، وتفيد الجملة الثانية (إذا صلى الصبح)، إذا فرغ من الصلاة؛ لأن الظرف الواحد لا يدل على ظرفين مختلفين، فأرجو تأمله. وقلت عن الرفع بأنه ظاهر مذهب الشافعية؛ لأن غالب كتب الشافعية تذكر أنه يستحب الإكثار من الدعاء خاصة للمنفرد والمأموم، قال في مغني المحتاج (١/ ٣٩٣): «ويسن الإكثار من الذكر والدعاء». وانظر: المجموع شرح المهذب (٣/ ٤٨٨)، وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج (٢/ ١٠٥)، أسنى المطالب (١/ ١٦٨). وهذا يعني: استحباب الدعاء المطلق في هذا الموضع، وإذا استحب الدعاء المطلق استحب معه رفع اليدين، وقد نص عليه بعض المتأخرين، فقال في المقدمة الحضرمية (ص: ٢٤٦): «ويندب فيه - أي الدعاء الذي بعد الصلاة- وفي كل دعاء رفع اليدين»، وانظر: إعانة الطالبين (١/ ٢١٧). وحين ذكر ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج استحباب رفع اليدين في دعاء القنوت، عمم استحباب الرفع في كل دعاء، فقال في التحفة (٢/ ٦٧): «ويسن له -ككل داع- رفع بطن يديه للسماء». وأكثر كتب الشافعية تذكر الذكر والدعاء، ولا تنص على استحباب رفع اليدين، ولا تنفيه، لهذا فضلت التعبير بأنه ظاهر مذهب الشافعية، والظاهر: ما كان أحد القولين أرجح من الآخر، والله أعلم. وانظر في مذهب الحنابلة: شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٠٦)، الإقناع (١/ ١٢٦)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٧٢)، غاية المنتهى (١/ ١٧٦). (١) سيأتي إن شاء الله تعالى في مسألة مستقلة بيان أن المشروع في مذهب الحنفية في الدعاء والأذكار بعد الصلاة إن كان إمامًا، فإن كان الصلاة بعدها سنة كالظهر، والمغرب، والعشاء: فالمشروع في حقه أن يَصِلَ النافلة بالفريضة، ولا يدعو بعد الفريضة، وإن كانت الصلاة لا نافلة بعدها شرع له الذكر والدعاء بعد أن ينحرف عن القبلة. =