للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبناء علي هذا التقعيد يرى أصحاب هذا القول أن المصلي لا يدعو إلا بما ورد في السنة، كالاستغفار ثلاثًا، وقوله: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، وقوله: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، وهذه الأدعية لم يرد فيها أن النبي أو أصحابه كانوا يرفعون أيديهم في هذا الدعاء بعد الصلاة، ولا ينكرون القول برفع الأيدي إذا دعا الإنسان بحاجته خاصة إذا كان الدعاء ليس تابعًا لعبادة أخرى، ولا يرون مشروعية رفع الأيدي في كل دعاء إذا كان الوارد في صفته ترك الرفع، ويرون أن الأحاديث التي وردت في الترغيب في الدعاء بعد الصلوات مما يفهم منها مشروعية الدعاء المطلق بما يشاء المصلي كحديث أبي أمامة : أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات (١).

وحديث العرباض: من صلى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة. هذه الأحاديث لا يصح منها شيء.

ومن هنا قام الخلاف بين الفريقين، وقد سبق تحرير مسألة الدعاء بعد الصلاة في مسألة مستقلة، و لا أرى أن يتحول الخلاف في هذه المسألة إلى الرمي بالبدعة لمن رفع، ولا الاتهام بالتشدد لمن لم يرفع، فهذه مسألة خلافية بين المذاهب السنية، يتسع لها الخلاف، ولا تورث الاختلاف.

إذا علمت ذلك نأتي إلى ذكر الأقوال وحجج الفريقين، سائلًا الله الهداية والتفويق.

فقيل: يشرع رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام مالك، وظاهر مذهب الشافعية، والمعتمد عند الحنابلة (٢).


(١) سنن الترمذي (٣٤٩٩)، والسنن الكبرى للنسائي (٩٨٥٦).
(٢) قال مالك نقلًا من البيان والتحصيل (١٧/ ١٣٢) «رأيت عامر بن عبد الله بن الزبير يرفع يديه وهو جالس بعد الصلاة يدعو، فقيل له: أترى بذلك بأسا؟ قال لا أرى بذلك بأسًا».
وانظر: البيان والتحصيل (١٨/ ١٦)، الذخيرة للقرافي (١٣/ ٣٤١، ٣٤٢)، المعيار المعرب (١/ ٢٨٧).
وقال ابن القاسم نقلًا من البيان والتحصيل (٢/ ١٨٧): «رأيت مالكًا إذا صلى الصبح يدعو، ويحرك أصبعه التي تلي الإبهام مُلِحًّا، وإذا أراد أن يدعو رفع يديه شيئًا قليلًا يجعل ظاهرهما مما يلي الوجه- أرانيه ابن القاسم». =

<<  <  ج: ص:  >  >>