للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأجرة على الأذان، وبه يقول المتأخرون من الحنفية، وعليه الفتوى عندهم (١).

وأجاز ابن تيمية أخذ الأجرة مع الحاجة، ومنعها مع الغنى.

وأما من قال بتحريم الأجرة على الأذان، كالمتقدمين من الحنفية، والحنابلة، فهل يختلف الحكم عندهم في أخذ المؤذن الرزق من بيت مال المسلمين؟

فقيل: يجوز الرزق مطلقًا، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة (٢).

وقال الحنفية: إن عرف القوم حاجته، فأعطوه شيئًا جاز أخذه من غير شرط (٣).

ونسب الماوردي الشافعي إلى أبي حنيفة القول بالمنع، ولم أقف عليه في كتب الحنفية (٤).

ولو صح ما نسب لأبي حنيفة فربما يحمل على حال الغنى، فمع الحاجة يجوز أخذ الرزق بالاتفاق.

وقد تكلم الحنفية في رزق القاضي مع الغنى، فحكوا فيه قولين في الأفضل، أصحهما القول بالأخذ، وقيل: الأفضل تركه؛ لأن الرزق مقدر بالكفاية (٥).

والمؤذن مقيس عليه بجامع أن كلًّا منهما يقوم بمصلحة عامة للمسلمين، ولا يجوز أخذ العوض عليهما عند الحنفية.


(١) حاشية ابن عابدين (٤/ ٢٢٠، ٢٢١، ٤١٧)، المدونة (٣/ ٤٣٢)، الذخيرة (٢/ ٦٦)، التوضيح شرج الجامع الصحيح (١٥/ ٨٧).
(٢) البناية شرح الهداية (١٠/ ٢٧٧)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٢٢١)، نخب الأفكار شرح معاني الآثار (١٦/ ٣٦٣)، منحة الملوك (ص: ٩٦)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٦٦)، الفروق للقرافي (٣/ ٣، ٤).
(٣) بدائع الصنائع (١/ ١٥٢)، المبسوط (١/ ١٤٠).
(٤) جاء في الأحكام السلطانية (ص: ١٢٩): ويجوز أن يأخذ هذا الإمام ومؤذونه رزقًا على الإمامة والأذان من بيت المال من سهم المصالح، ومنع أبو حنيفة من ذلك».
وقال في الحاوي (٢/ ٦١): «فإن لم يجد متطوعًا بالأذان فلا بأس أن يعطي عليه رزقًا، ومنع أبو حنيفة منه».
(٥) حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٨٩)، البحر الرائق (٨/ ٢٣٧)، البناية على الهداية (١٢/ ٢٧٥)، تبيين الحقائق (٦/ ٣٣)، المبسوط (١٦/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>