(٢) الحديث رواه سفيان بن عيينة عن سليمان بن سحيم كما في صحيح مسلم (٢٠٧ - ٤٧٩)، وأكتفي به عن غيره، وقد رواه عن سفيان كبار أصحابه، أحمد بن حنبل، والحميدي، والشافعي، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وجمع كثير غيرهم. ولم يتفرد به سفيان وإن كان لا يضره لو تفرد به، فقد تابعه على ذلك: إسماعيل بن جعفر، كما في صحيح مسلم (٢٠٨ - ٤٧٩)، وهو في أحاديث إسماعيل بن جعفر من رواية علي بن حجر (٤٤٦)، وأكتفي بصحيح مسلم. والدراوردي كما في مستخرج أبي عوانة (١٨٢٤)، ومشكل الآثار (٥٧٦١)، كلاهما عن سليمان بن سحيم به. ولم يتفرد به سليمان بن سحيم، تابعه ابن جريج كما في صحيح ابن خزيمة (٦٠٢)، ومسند السراج (٢٩٤)، وفي حديثه أيضًا (٢٦، ٢٧، ١٠٦٧، ١٠٦٨)، وقد صرح ابن جريج بالتحديث. فالحديث تفرد به إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن ابن عباس. قال أحمد: إسناده ليس بذاك، نقل ذلك الحافظ ابن رجب في شرحه للبخاري (٧/ ١٨٨). قال ابن رجب: إبراهيم هذا وأبوه لم يخرج لهما البخاري شيئًا. المرجع السابق. وإبراهيم بن عبد الله بن معبد ذكره البخاري في التاريخ الكبير (٩٥٨)، ولم يذكر فيه شيئًا. وكذلك فعل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٢/ ١٠٨). وذكره ابن حبان في ثقاته في أتباع التابعين، وأخرج له مسلم في صحيحه، وقال ابن حجر: صدوق اعتمادًا على تخريج مسلم حديثه، وتصحيح ابن خزيمة وابن حبان له، وقد روى له مسلم حديثين: أحدهما هذا الحديث. والثاني: حديثه عن ابن عباس أن امرأة اشتكت شكوى فقالت: إن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرأت، ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي ﷺ، تًسَلِّمُ عليها، فأخبرتها ذلك، فقالت: اجلسي، فكلي ما صنعت، وصلي في مسجد الرسول ﷺ، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة. قال البخاري كما في التاريخ الكبير (١/ ٣٠٣): ولا يصح فيه ابن عباس. وهذا الحديث قد تكلم فيه الحفاظ، وصوابه عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن ميمونة، ولم يسمع منها، جزم بنفي السماع ابن حبان. وقد فهم الحافظ من كلام البخاري هذا أن رواية إبراهيم بن معبد عن ميمونة متصلة، فقال: فهذا مشعر بصحة روايته - أي: إبراهيم - عن ميمونة عند البخاري، وقد علم مذهبه في التشديد في هذه المواطن. اه قال ابن حبان في ترجمة إبراهيم بن عبد الله بن معبد: وقد قيل: إنه سمع من ميمونة زوج النبي ﷺ، وليس ذلك بصحيح عندنا، فلذلك أدخلناه في أتباع التابعين. اه فأحاديثه قليلة عن أبيه، كما أن أباه عبد الله بن معبد مقل الرواية عن ابن عباس، فله عنه خارج مسلم ستة أحاديث مع هذين الحديثين، فرغم قرابته من ابن عباس إلا أنه مقل عنه، فقد يكون الإمام أحمد لحظ تفرد إبراهيم عن أبيه، وتفرد أبيه عن ابن عباس، فلم يحتمل تفردهما مع قلة مروياتهما، فأين أصحاب ابن عباس لو كان هذا الحديث من حديثه.