للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ما ذكره، وهذا ظاهر لمن يتكلم بالتأمل» (١).

الجواب الثالث:

حديث سهل بن سعد فيه احتمال أن يكون الرسول دخل في الصلاة مأمومًا خلف أبي بكر، ثم استخلف، فأتم بالناس بقية صلاتهم، وهذا ما رجحه ابن رشد في البيان والتحصيل (٢).

واستخلاف المأموم، ولو كان مسبوقًا لا إشكال فيه؛ لأنه سيبني على صلاة إمامه، وتكون صلاته امتدادًا لسلفه، ولا يمنع من ذلك جمهور العلماء القائلون بجواز الاستخلاف، بخلاف استخلاف رجل من خارج الصلاة لم يكن له إمام يبني على صلاته (٣).

ويدل عليه أنه عندما تراجع أبو بكر القهقرى، أشار إليه إشارة بيده أن امكث، ولو لم يكن في صلاة لاستخدم العبارة بدلًا من الإشارة.

وهذا ما فهمه الباجي في شرح الموطأ، قال فيه: «أشار إليه رسول الله أن امكث مكانك، وفي ذلك دليل أن الإشارة في الصلاة للعذر والحاجة إلى ذلك لا تبطلها، ولا تنقصها؛ لأن النبي فعل ذلك» (٤).


(١) نخب الأفكار شرح معاني الآثار (٧/ ٤٩).
(٢) البيان والتحصيل (١٧/ ٢٩٢).
(٣) لا يجوز استخلاف غير المأموم، اختار هذا الحنفية، والمالكية، وإمام الحرمين من الشافعية. انظر: ملتقى الأبحر (ص: ١٧٤)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦١٠)، المبسوط (١/ ١٧٢)، بدائع الصنائع (١/ ٢٢٨)، البحر الرائق (١/ ٤٠٠).
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٥٥)، المنتقى للباجي (١/ ٢٩٢)، شرح الخرشي (١/ ٣٢١)، مواهب الجليل (١/ ٤٠٨)، الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٢٢٠).
قال المازري في شرح التلقين (٢/ ٦٩٠): إذا استخلف بعض المأمومين، فمن شرط صحة استخلافه أن يكون أحرم قبل أن يحدث الإمام، ليحصل مع الإمام في صلاة واحدة قبل الحدث، فإذا أحرم بعد أن أحدث الإمام فلا يصح استخلافه؛ لأنه لا تعلق بين صلاته، وصلاة من استخلفه، ويصير المأموم معه بمثابة من أحرم قبل إمامه، فتفسد صلاتهم إن اتبعوه … ».
وصحيح الشافعية استخلاف من لم يكن معه في الصلاة خلافًا لإمام الحرمين: بشرط أن يكون ذلك في الركعة الأولى أو الثالثة من الرباعية، لأنه لا يخالفهم في الترتيب، وإن استخلفه في الثانية أو الأخيرة لم يجز. انظر المجموع (٤/ ٢٤١، ٢٤٢).
(٤) المنتقى للباجي (١/ ٢٨٩)، ونقل ذلك أبو بكر بن العربي وأقره في المسالك في شرح موطأ
مالك (٣/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>