للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثالث:

لو سلمنا أن النبي بدأ الصلاة إمامًا، ولم يسبق ذلك دخوله مأمومًا، فلا يصح أيضًا دليلًا لمسألتنا، فإن النبي ، وإن كان كبَّر تكبيرة الإحرام بعد تكبير أبي بكر، وبعد تكبير الناس، إلا أنه صار بمنزلة من استخلف، وصار تكبير القوم بعد تكبير الإمام الأول، وهو أبو بكر، والرسول الإمام الثاني يقوم مقام الأول، فالبدل هو امتداد للمبدل، فهو سوف يبني على صلاة أبي بكر، ولن يبتدئ الصلاة، فلا يلزم منه أن يكون تكبير المأموم قبل إمامه (١).

فلا دليل فيه لرجل أحرم بالفريضة منفردًا، ثم أقيمت الصلاة، فدخل معهم بالنية، وبنى على صلاته.

وهذا القول وجيه إلا أنه لا يُسَلَّم إلا إذا ثبت أن الرسول دخل مكملًا لصلاة أبي بكر، وأن ما صلاه النبي لم يكن أول صلاته، بل بناه على ما تقدم من صلاة أبي بكر قراءةً وأفعالًا، ثم يقضي ما فاته، إن كان قد فاته شيء من أفعال الصلاة، فلو فرض أن الإمام الأول قد قرأ الفاتحة في صلاة جهرية؟، فهل سيعيد الإمام المستخلف قراءتها مرة أخرى لتصح صلاته، أو سيبني على قراءة أبي بكر؟

ليس في الحديث ما يكشف عنه، وإن كنت أستبعد أن تكون صلاة الإمام الثاني جزءًا من صلاة الإمام الأول، إلا أن يكون المستخلف من جملة المأمومين، بحيث يكون ما فعله الأمام في صلاته فعله لنفسه وللمصلين، أما المستخلف إذا لم يكن من جملة المأمومين، فلا يمكن اعتداده بما فعله الإمام قبله، وهو لم يشهده، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-١٠٠٦) ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود،

عن عائشة، قالت: لما ثقل رسول الله جاء بلال يُؤْذِنُهُ بالصلاة، فقال: مروا


(١) انظر شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>