للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عليه قضاؤها.

وإذا نظرنا إلى الحقائق بالنسبة للتعليق، وجدنا أن منها ما يبطل بالتعليق مطلقًا كالإيمان، فلو علق الدخول فيه على حصول شيء لم يدخل فيه، أو علق خروجه منه على حصوله بطل إيمانه.

ومنها ما يصح فيها التعليق قولًا واحدًا، كالطلاق، فإذا وقع الشرط وقع الطلاق.

ومنها ما هو محل خلاف، كالعقود المنجزة من بيع وإجارة، ونحوها، فالجمهور على أنها لا تقبل التعليق، والراجح صحة التعليق فيها.

وإذا بحثنا في العبادات رأينا النص الصريح في الحج أنه يقبل التعليق بشرطه، كقول النبي لضباعة بنت الزبير: حجي واشترطي، فإن لكِ على ربكِ ما استثنيتِ (١)، والقول بأن الحج عبادة مركبة من البدن والمال غير صحيح، فالمال ليس شرطًا في صحة الحج، وإنما هو وسيلة إليه، فلو تمكن من الحج بلا مال صح حجه.

وإذا كان يدخله التعليق مع كونه عبادة، ويجب المضي في فاسده، ولا يصح رفضه، فدخوله الصلاة التي لا يجب المضي في فاسدها، ويصح رفضها قد يقال: من باب أولى.

ويبقى الاجتهاد في الصلاة، هل تلحق بالإسلام بجامع أن كلًّا منهما يجب أن تكون النية فيه جازمة، ويبطلهما نية القطع، فكذا التعليق، فإذا علقه بطل في الحال بمجرد التعليق.

أو تلحق الصلاة بالحج، فيصح التعليق، فإذا وقع الشرط خرج من الصلاة؟

هو محل نظر، والمسألة محتملة، فمن يَرَ أن شبه الصلاة بالإسلام أقوى من شبهها بالحج، وفيه احتياط لأعظم ركن عملي في الإسلام، يَرَ بطلان الصلاة المعلقة على شرط في الحال؛ لأن التعليق ينافي الجزم بالنية، فالمعلق ليس جازمًا في الاستمرار فيها.


(١) رواه البخاري (٥٠٨٩) ومسلم (١٢٠٧) من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة.
ورواه مسلم (١٢٠٧) من طريق الزهري، عن عروة به.
ورواه مسلم (١٢٠٨) من طريق رباح بن أبي معروف، عن عطا، عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>