للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: يبطل، وهو اختيار بعض المالكية (١).

وتقدم مذهب الحنفية أنهم لا يبطلون العبادات بقطع النية.

• حجة من قال: يبطل الصوم إذا قطع نيته في أثناء الصيام:

حديث عمر بن الخطاب : (وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه، فإذا نوى إبطال ما هو فيه من الصيام بطل.

ولأن كل عمل اشترط لصحته النية الفعلية اشترط لاستمراره على الصحة استصحاب حكمها (النية الحكمية)، وهذا بالاتفاق، فإذا قطعت النية الفعلية التي هي الأصل، قطع الاستصحاب الذي هو فرعها (النية الحكمية)، فكان الباقي من العمل خَلْوًا من النية الفعلية، ومن النية الحكمية (الاستصحاب)، فأوجب ذلك بطلان العمل.

ولأن الشروع في الصيام لا يستدعي فعلًا سوى نية الصيام، فكذلك الخروج منه، ولهذا لو أمسك عن المفطرات بلا نية لم يكن صائمًا بالإجماع، فكذلك إذا قطع نية الصيام لم يكن صائمًا؛ لأن النية شرط أداء الصوم، وقد أبدل النية بضدها، ومن دون الشرط لا تتأدى العبادة.

وإذا كان الصحيح بطلان الصلاة بقطع نيتها في أثنائها، فالصوم قياس عليها، وقد ذكرنا أدلتهم في الصلاة، فكل دليل استدللت به هناك على الصلاة فهو دليلهم هنا على الصيام.

• وأما دليلهم بعدم البطلان إذا قطع ذلك بعد الفراغ من العمل:

فَلِئنَّ الصائم إذا فرغ من الصيام فرغ من نيته ولا بد، لأن النية الفعلية والحكمية إنما تكون مصاحبة للعمل ما دام قائمًا، ولا يستصحب حكم النية بعد كمال العمل


(١) الفروق للقرافي (٢/ ٢٧)، وتهذيب الفروق (١/ ٢٠١).
وجاء فيه أيضًا: (١/ ٢٠٣): «لا خلاف في رفض ما عدا الحج والعمرة والوضوء والتيمم والاعتكاف في الأثناء.
ولا في عدم رفض الحج والعمرة مطلقًا.
ولا في عدم رفض الغسل بعد الفراغ.
وإنما الخلاف في رفض الوضوء، والتيمم، والصلاة، والصوم، والاعتكاف، والطواف والسعي بعد الفراغ، وفي رفض الوضوء والتيمم والاعتكاف في الأثناء».
فبين مواضع الاتفاق والخلاف بين أصحاب الإمام مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>