للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وعورض هذا:

قال ابن حبان: «لو كان الزجر عن الصلاة في أعطان الإبل؛ لأجل أنها خلقت من الشياطين، لم يصلِّ على البعير؛ إذ محال ألا تجوز الصلاة في المواضع التي يكون فيها الشيطان، ثم تجوز الصلاة على الشيطان نفسه» (١).

وقيل: المراد فعلها فعل الشياطين، وذلك لشدة نفورها إذا هاجت، فتؤدي إلى قطع الصلاة، أو التشويش على المصلي، قال به بعض الحنفية، والمالكية (٢).

قال ابن عابدين في حاشيته: «والظاهر أن معنى كون الإبل خلقت من الشياطين أنها خلقت على صفتهم من النفور، والإيذاء، فيبقى بال المصلي حولها مشغولًا خاصة حال السجود.

واستشكل بعضهم ذلك، بما ثبت أنه صلى إلى بعيره، وفرق بعضهم بين الواحد والمجتمعين، والنفار إنما يحصل في حال الاجتماع» (٣).

وقال ابن عبد البر: «وأصح ما قيل في الفرق بين مراح الغنم، وعطن الإبل، أن الإبل لا تكاد تهدأ، ولا تقر في العطن، بل تثور، فربما قطعت على المصلي صلاته» (٤).

ويستدل لهذا القول، بما رواه مسلم في صحيحه، من طريق سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج،

عن رافع بن خديج مرفوعًا: إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش … الحديث (٥).

قال أبو عبيد: المراد أنها في أخلاقها، وطبائعها تشبه الشياطين (٦).

وقد جاء إطلاق لفظ الشيطان في الكتاب والسنة على كل عاتٍ متمردٍ من الجن والإنس والدواب، مما يعني أن هناك ربطًا بين السلوك وبين التسمية.

وفي التنزيل: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤].


(١) صحيح ابن حبان (٤/ ٦٠٣).
(٢) إكمال المعلم (٢/ ٤١٥)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٨٠).
(٣) حاشية ابن عابدين (١/ ٣٨٠).
(٤) التمهيد (٢٢/ ٣٣٣).
(٥) صحيح مسلم (١٩٦٨).
(٦) انظر فتح الباري لابن رجب (٢/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>