للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الكتاب على هذا الفعل هو عبادتهم لأصحاب هذه القبور، وهو ما أوجب التحريم في شريعتنا مضافًا إليه التشبه بهم.

وقيل: علة النهي عند المالكية، والشافعية، وقول عند الحنفية وقول عند الحنابلة هو الخوف من نجاسة أرض المقبرة.

ونجاستها عند الجمهور بسبب تحلل أجساد الأموات.

ونجاستها عند بعض الحنفية بسبب أن بعض الجهال يستترون بما شرف من القبور، فيبولون، ويتغوطون خلفها.

وبناءً على هذه العلة، فمتى تحقق، أو ظن طهارة أرض المقبرة صحت الصلاة، إما مطلقًا كقول المالكية، أو مع الكراهة عند الحنفية والشافعية؛ لأنها مظنة النجاسة.

ولهذا اشترط الشافعية، وهو قول عند المالكية للتحريم أن تكون المقبرة قديمة، وقد نبشت، وصلى على الأرض بلا حائل من فراش ونحوه.

وقيل: العلة تعبدية، وعليه أكثر الحنابلة، قال المرداوي: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب (١).

•والراجح

أن العلة ليس الخوف من نجاسة الأرض، بل العلة هو الخوف من تحول القبور إلى أوثان تعبد من دون الله، فإن أصل الشرك وعبادة الأوثان كانت من تعظيم القبور، ولهذا لم تفرق الأحاديث بين القبور القديمة والجديدة، وبين المنبوشة وغيرها، وقد لعن الله اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، ومعلوم قطعًا أن هذا ليس من أجل النجاسة؛ لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم.

قال ابن تيمية : «والنهي عن ذلك إنما هو سد لذريعة الشرك» (٢).

وقال أيضًا نقلًا من إغاثة اللهفان: «وهذه العلة هي التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور، وهي التي أوقعت كثيرًا من الأمم، إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك .... ولهذا تجد أهل الشرك كثيرًا يتضرعون عندها،


(١) انظر: تصحيح الفروع (٢/ ١٠٦).
(٢) الاختيارات العلمية (ص: ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>