الفقهاء لبعض الأحكام، فالحنفية يرون أن المغمى عليه إذا أغمي عليه أكثر من خمس صلوات سقط القضاء، وأسقط المالكية وجوب ترتيب الفوائت إذا زاد ذلك عن خمس صلوات، وبنى الفقهاء قاعدة فقهية متفق عليها في الجملة أن المشقة تجلب التيسير.
وإذا كانت الصلاة، وهي الغاية يسقط قضاؤها عن الحائض، ولا يعلم علة لسقوط القضاء غير مشقة القضاء بتكرار الحيض، وتكرار الصلاة، وإلا فأهلية التكليف موجودة، بدليل أن الحائض تقضي الصوم؛ لعدم تكراره في العام إلا مرة واحدة، فكون الطهارة تسقط عن صاحب الحدث الدائم من باب أولى؛ لأن الطهارة بالنسبة للصلاة من التوابع، ولأن الحيض دم طبيعة، والحدث الدائم علة ومرض، فهو أولى بالرخصة، ولأن الحيض يأتي في الشهر أيامًا معلومة، وغالب الشهر تكون المرأة طاهرًا من الحيض، ومع ذلك سقط عنها قضاء الصلاة، بخلاف الحدث الدائم فإنه مطبق على صاحبه، لا يكاد ينقطع عنه حتى يعافيه الله، وربما مكث على هذه الحالة سنوات كثيرة، فكان القياس أن تسقط الطهارة عن صاحب الحدث الدائم كالحائض بل هو أولى، ولولا وجوب الصلاة على المستحاضة لقيل بسقوط الصلاة عنه.
وقد بحثت هذه المسألة بتوسع في أكثر من موضع من كتابي موسوعة أحكام الطهارة، وذكرت أدلة هذه الأقوال، فارجع إليه غير مأمور إن شئت أن تقف على أدلة كل مذهب (١).
وَاعْلَمْ أن الإحالة إلى كتابي الطهارة ليست رغبة لي وكذلك عند كثير من أبنائي وإخوتي طلبة العلم، ولكن الذي يحملني على الإحالة أن المشروع كله واحد، فتكراره مع أنه يرهق في زيادة حجم الكتاب، ونفقات الطباعة، فهو من التكرار الذي لا أرغبه، وكل مسألة أعدتها فالغالب أنني أعدتها لوجود ما يستدعي ذلك من زيادة أو مراجعة، وقد عرضت جميع كتبي في الشبكة الإلكترونية مجانًا لتسهيل مراجعتها
(١) انظر المسألة في موسوعة أحكام الطهارة، الطبعة الثالثة (٢/ ٥٥٣)، وانظر أيضًا (٩/ ٣٠٤).