كتاب موسوعة أحكام الصلوات الخمس

وقيل: يصح ائتمام أحدهما بالآخر، وهو قول أبي ثور من الشافعية (١).

قال ابن قدامة: «قياس المذهب جواز ذلك … لأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة الآخر» (٢).

وقيل: يصح الائتمام مع الكراهة، وهو منسوب إلى بعض المالكية.

قال ابن راشد المالكي: «رأيت في بعض كتب المالكية جواز الائتمام مع كراهة، فيصلي كل واحد إلى الجهة التي أداه إليها اجتهاده» (٣).

= رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (٢/ ٦٧١) و (٦/ ٢٦٩).
وقد ذهب القرافي إلى التفريق بين المسائل:
فإذا اختلف المجتهدان في مسألة مجمع عليها، مقطوع بها لم يقتد أحدهما بالآخر، كالاختلاف في جهة الكعبة، فالإمام والمأموم يعتقدان فساد صلاة من صلى إلى غير القبلة.
وأما إذا كانت المسألة ليس مجمعًا عليها، ومن مسائل الاجتهاد، وقد بنيت على ظواهر نصوص ليست صريحة كما لو اختلف المجتهدان في وجوب مسح جميع الرأس في الوضوء، فيجوز أن يصلي أحدهما خلف صاحبه، باعتبار أن مسح جميع الرأس ليس مجمعًا عليه، والنصوص فيه ليست قطعية الدلالة. انظر الفروق للقرافي (٢/ ١١٢).
وقال الإمام الشافعي في الأم (١/ ١١٤): «إذا كان رجال خارجون من مكة فاجتهدوا في طلب القبلة فاختلف اجتهادهم لم يَسَعْ واحدًا منهم أن يتبع اجتهاد صاحبه وإن رآه أعلم بالاجتهاد منه ..... ولا يَسَعْ واحدًا منهم أن يأْتَمَّ بواحد إذا خالف اجتهادُهُ اجتهادَهُ».
وانظر الجمع والفرق للجويني (١/ ٣٢٢) و (١/ ٤١٩)، مختصر المزني (٨/ ١٠٦)، الإقناع للماوردي (ص: ٣٨)، الحاوي الكبير (٢/ ٧٢)، نهاية المطلب (١/ ٢٨٥)، حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء للقفال (٢/ ٦٢)، البيان للعمراني (٢/ ١٤١)، المجموع (٣/ ٢٢٦)، التعليقة للقاضي حسين (٢/ ٦٨٧).
وانظر قول الحنابلة: في مختصر الخرقي (ص: ٢١)، الكافي لابن قدامة (١/ ٢٣٤)، المغني لابن قدامة (١/ ٣٢٢، ٣٢٣)، المبدع (١/ ٣٦١)، العدة في أصول الفقه (٥/ ١٥٤٦)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٦٨)، التمهيد في أصول الفقه (٤/ ٤٠٤)،
(١) انظر قول أبي ثور في كتاب الحاوي الكبير (٢/ ٧٢)، البيان للعمراني (٢/ ١٤١)، التلقين للمازري (١/ ٤٩٥).
(٢) المغني لابن قدامة (١/ ٣٢٣)، وقد قاس ابن قدامة ذلك على نص الإمام بجواز أن يأتم بمن يخالف اجتهاده في بعض شروط الصلاة، كمن يصلي في جلود السباع، فإنه تصح الصلاة خلفه في المنصوص عن الإمام. انظر شرح العمدة لابن تيمية، كتاب الصلاة (ص: ٥٧٠).
(٣) شرح المنهج إلى قواعد المذهب (١/ ١٩٤).