للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقولنا: (فيما يؤمن مثله في القضاء) احتراز من الأكل في الصوم ناسيًا، ومن الوقوف بعرفة يوم الثامن، أو يوم العاشر، على وجه الخطأ؛ فإنه لو قضاها لم يأمن أن يقع له في القضاء مثل ما وقع له في الأداء، وهذا سبب من أسباب سقوط القضاء (١).

هذا هو تعليل الشافعية في الفرق بين يقين الخطأ، وبين ظن الخطأ، وهو مبني على أن الفرض هو إصابة القبلة، فإذا تيقن أنه لم يصب وجبت الإعادة، وإذا كان ذلك مظنونًا لم تجب الإعادة، لأن الاجتهاد لا ينقض باجتهاد.

• ويناقش:

بأن المصلي مأمور بالاجتهاد في تحري القبلة، فإذا فعل ذلك فقد امتثل الأمر الشرعي، فلا معنى لوجوب الاستئناف، كالمسايف يصلى إلى غير القبلة في أثناء القتال؛ ولا يكلف بالإعادة؛ هذا على القول بأن المكلف فرضه الاجتهاد، ولو سلمنا أن فرضه الإصابة، فإنه عاجز عن الإصابة وقت الصلاة فيسقط؛ لأن التكليف مقيد بالوسع، وقد ذكرنا ذلك مفصلًا في الجواب عن الدليل السابق، فارجع إليه.

• دليل من قال: إن تيقن الخطأ، وتيقن الصواب أعاد، وإلا فلا.

المصلي إذا لم يظهر له الصواب في جهة القبلة لم يأمن أن يقع له في القضاء مثل ما وقع له في الأداء، فلا فائدة من أمره بالإعادة، وإنما تجب الإعادة إذا تيقن الخطأ، وظهر له الصواب.

• دليل من قال: إن شرق أو غرب أعاد في الوقت، وإن استدبر أعاد مطلقًا.

لأن الخطأ في الاستدبار أفحش من غيره، فمن استدبر الكعبة فقد ظهر خطؤه بيقين؛ لأنه ليس يتوجه إلى الكعبة بوجه، بل خطؤه من كل وجه، وإذا فات الشرط من كل وجه أمر بالإعادة أبدًا.

وأما من شرق أو غرب عن جهة الكعبة في تحريه فليس بمخطئ من كل وجه؛ لوجود توجه الكعبة منه بجزء من وجهه، وهو العذار، فاستحبت له الإعادة في الوقت.


(١) انظر: المجموع (٣/ ٢٢٢، ٢٢٣)، البيان للعمراني (٢/ ١٤٤)، نهاية المطلب (٢/ ٩٧)، أسنى المطالب (١/ ١٣٩)، مغني المحتاج (١/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>