بأن من رأى نجاسة على نعليه، وهو في الصلاة، فإنه يطرحها، ويتمادى، كما ثبت ذلك في حديث أبي سعيد عند أحمد، وأبي داود. وكذلك من صلى عريانًا، ثم وجد سترة، فإنه يستر عورته، ويتم صلاته، وقد مر معنا بحث هذه المسألة، وهاتان المسألتان في شروط الصلاة، فكذلك إذا علم بالخطأ في القبلة، فإنه يتحول، ويتم صلاته.
• ورد هذا:
بأن استقبال القبلة آكد؛ للاتفاق على شرطيته، بخلاف السترة، وطهارة الخبث؛ فإنها مختلف فيها (١).
• ويجاب على هذا الرد:
بأن الاختلاف في الدليل ليس مانعًا من الاستدلال به، والقياس عليه؛ فليس من شروط الاستدلال بالدليل أن يكون متفقًا عليه، حتى إذا اختلف فيه لم نَقِسْ عليه، والله أعلم.
الدليل الثالث:
أن من اشتبهت عليه القبلة، فاجتهد، فصلى، فقد امتثل الأمر الشرعي، ومن امتثل الأمر سقط عنه الطلب، سواء أأصاب أم أخطأ، وسواء أتحقق الخطأ أم ظنه؛ لأن التكليف مقيد بالوسع، فلا معنى لوجوب الاستئناف، وقد كانت صلاته امتثالًا للأمر الشرعي كالمُسَاِيِفِ يصلى إلى غير القبلة، ولا يكلف بالإعادة؛ لامتثاله الأمر الشرعي.
الدليل الرابع:
أن تكليف المجتهد بالإعادة؛ لتحقق الخطأ تكليف له بالإصابة، والمجتهد لا يكلف بالإصابة، وإنما عليه بذل الوسع، وقد فعل.
الدليل الخامس:
القياس على قولهم: إن قبلة المسافر على الراحلة هي جهة سيره، فإن خالفها عمدًا إلى غير القبلة بطلت صلاته؛ لأنه خالف ما هو قبلة في حقه، فكذلك هنا، فإن القبلة في حق المجتهد ما غلب على ظنه أنه قبلة، ولو خالفها بطلت.