للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصحابة فمن بعدهم.

والجواب عن هذا من أوجه:

أحدها: ما قدمناه من كلام الفقهاء في التيامن والتياسر، ولم يستثنوا جامع بني أمية في ذلك، بل كلامهم يشمله، ويقتضي أن الصحيح في مذهب الشافعي جواز الاجتهاد فيه بالتيامن والتياسر.

الثاني: ما قدمناه من قول كثير من أهل هذا العلم منهم قاضي القضاة بدر الدين أن قبلته منحرفة، وهذا يقتضي أنه لا يجوز فيه الخلاف، بل يجوز الاجتهاد فيه قطعًا، وإذا جاز، هل يجب أو لا؟ وجهان.

الثالث: أن الواجب في القبلة إن كان الجهة، والتياسر لا يخرج عن الجهة، فالتياسر جائز ههنا، فيكون الذي دل عليه هذا العلم في هذه الصورة جائزًا، لا واجبًا، وإن كان الواجب العين حصل التردد في أن الواجب استقبال الأصل، أو التياسر، فمن يقول: الواجب الجهة يجوز التياسر قطعًا.

ومن يقول بأن الواجب العين، ويسلم أدلة هذا العلم يوافقه، فهما متفقان على الجواز، ومختلفان في المحراب الأصلي، فكان المتفق عليه أولى من المختلف فيه.

ومن يقول: بأن الواجب العين، ويقول: إن هذا العلم لا يلتفت إليه لا اعتبار بقوله.

الرابع: أن جامع جراح ليس مستهدمًا، وإنما يقصد هدمه لإقامة القبلة على الحق ....

الخامس: إن جامع بني أمية لم يبن جامعًا، وإنما كان من قبل الإسلام، فمن أين لنا أن بناءه على الكعبة؟ ولما فتح الصحابة دمشق لم يستوطنوها، بل صالحوا من كان فيها من النصارى، وكانوا في شغل شاغل من الجهاد في سبيل الله اشتغلوا في اليرموك وغيرها ولم يتفرغوا للنظر في ذلك … ومن صلى منهم فيه قد يكون معتقدًا أن الواجب الجهة دون العين، أو يعتقد وجوب العين، ونيته المخالفة، وتياسر قليلًا وليس ذلك مما يجب نقله، أو غير ذلك … » (١).

• الراجح:

أن محاريب الصحابة كغيرهم إن اختُلِفَ فيها واشتُهِرَ الطعن بها لزم الاجتهاد


(١) فتاوى السبكي (١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>