للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الاجتهاد في إصابة العين، كما تقدم في نقل مذهبهم، وذكرنا أدلتهم (١).

ولهذا منعوا من الانحراف اليسير في مسجد النبي ؛ للقطع في إصابة العين، وأذنوا للمجتهد إذا رأى محرابًا في بلد ما أن يجتهد في إصابة العين إن ظن أن المحراب فيه انحراف يمنة أو يسرة، ومنعوا من مخالفة جهة المحراب بالكلية؛ لأن الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق واتفاقهم عليه ممتنع، لكن الخطأ في الانحراف يمنة أو يسرة مما لا يبعد (٢).

والحق أن الاجتهاد في القبلة للبعيد عن مكة هو إصابة الجهة، وأن الانحراف اليسير يمنة أو يسرة لا يؤثر في القبلة:

(ح-٩٠٠) لحديث أبي أيوب الأنصاري، أن النبي -قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا … ورواه مسلم (٣).

فقوله : شرقوا أو غربوا مخاطبًا أهل المدينة دليل على أن ما بينهما قبلة، وأن الجهة كلها قبلة، وأن الانحراف اليسير لا يؤثر مطلقًا.

• وجه من قال: لا يجوز تقليدها من المجتهد:

هذا القول مبني على أن القادر على الاجتهاد مأمور بالاجتهاد، وأن المجتهد لا يجوز له تقليد المجتهد، وأن هذه المحاريب نصبت بالاجتهاد، فلا تفيد القطع بجهة القبلة، بل تفيد الظن، فإذا علم أو ظن المجتهد أن القبلة ليست في الجهة التي فيها المحاريب لا يجوز له تقليدها، فلو وجب عليه التوجه إلى ذلك المحراب لكان ذلك ترجيحًا للتقليد على الاجتهاد، وهذا لا يجوز، وعليه فالقادر على تحصيل جهة القبلة بالأمارات لا يجوز له تقليد محاريب البلاد.

• الراجح:

أن المحاريب المعتمدة تمنع الاجتهاد، إلا أن يقف المجتهد عن علم، وليس


(١) قال النووي في المجموع (٣/ ٢٠٥): «وفي فرض المجتهد ومطلوبه قولان: .... أصحهما عينها، اتفق العراقيون، والقفال، والمتولي، والبغوي على تصحيحه».
(٢) فتح العزيز (٣/ ٢٢٤).
(٣) صحيح البخاري (٣٩٤)، ومسلم (٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>