للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولأن إخبار الكافر لا يقبل في الديانات؛ لأنه غير ملتزم بها، فلا يؤتمن، ولا يلزم المسلم بقوله.

ولأن خبره عن القبلة إن كان من باب الرواية فهو ليس من أهلها، أو كان من باب الشهادة فكذلك.

وإذا وجب التثبت عند خبر المسلم الفاسق فيلزم بطريق الأولى عدم اعتبار خبره.

وقيل: يجوز قبول خبر الكافر، وهو وجه عند الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة (١).

قال الزركشي في خبايا الزوايا: «حكى الخطابي وجهًا أنه يجوز العدول عن الوضوء إلى التيمم بقول الطبيب الكافر، كما يجوز شرب الدواء من يده، وهو لا يدري أهو داء أم دواء، حكاه الرافعي في باب الوصية، وهو يرد قول النووي في المجموع: واتفقوا على أنه لا يقبل خبر الكافر» (٢).

وجاء في الفتاوى الهندية: من أرسل رسولًا مجوسيًا أو خادمًا، فاشترى لحمًا، فقال: اشتريته من يهودي، أو نصراني، أو مسلم وسعه أكله (٣).

والدليل على ذلك:

أن النبي -استأجر رجلًا مشركًا ليدله على الطريق في هجرته إلى المدينة، وأعطاه بعيره وبعير أبي بكر ليأتي بهما بعد ثلاث إلى غار ثور، وهذا ائتمان على النفس والمال، ودلالة القبلة كدلالة الطريق.

وإذا جاز اعتماد محاريب الكفار في معرفة الجهة، جاز قبول خبرهم إذا غلب على الظن صدقهم.

ولأن لخبر الكافر أثرًا في تغليب الظن، وإدراك القبلة بالظن كاف لوجوب العمل.

ولأن الإسلام ليس بشرط لثبوت الصدق؛ إذ الكفر لا ينافي الصدق؛ لأن الكافر إذا كان مترهبًا عدلًا في دينه معتقدًا لحرمة الكذب تقع الثقة بخبره، كما لو


(١) فتح الباري (٥/ ٣٥٢)، الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (١/ ٢١)، الأشباه والنظائر للسبكي (٢/ ١٦٥)، كشاف القناع (١/ ٣٠٦).
(٢) خبايا الزوايا (ص: ٦١).
(٣) الفتاوى الهندية (٥/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>