للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويقلد إن ضاق الوقت (١).

وهذا التفصيل عند الحنابلة لا يخرج قولهم عن القول بأنه واجب عيني، لأن الاستحباب الذي عبروا به إنما هو قبل دخول الوقت: أي قبل وجود سبب الوجوب، فإذا دخل الوقت وجب عليه تعلم أدلة القبلة، ولا يقلد إلا إذا ضاق الوقت.

• دليل من قال بالوجوب العيني:

الدليل الأول:

أن التقليد لا يسوغ مع القدرة على الاجتهاد.

وقال القرافي: «ظاهر كلام أصحابنا أن التوجه للكعبة لا يسوغ فيه التقليد مع القدرة على الاجتهاد، ونَصُّوا على أن القادر على التعلم يجب عليه التعلم، ولا يجوز له التقليد، ومعظم أدلة القبلة في النجوم، فيجب تعلم ما تُعْلَمُ به القبلة كالفرقدين والجَدْيِ وما يجري مجراها في معرفة القبلة، وظاهر كلامهم أن تعلم


(١) عمدة القارئ شرح صحيح البخاري (٦/ ١١٤)، المفاتيح شرح المصابيح (٦/ ١١٤)، التمهيد في تخريج الفروع على الأصول (ص: ٥٢٦، ٥٢٧)، المنثور في القواعد الفقهية (٣/ ٣٥)، نهاية المطلب لإمام الحرمين (٢/ ٩٣).
وقال النووي في المجموع (٤/ ٢٠٩): «في تعلم أدلة القبلة ثلاثة أوجه: ......
الثاني: فرض عين، وصححه البغوي والرافعي كتعلم الوضوء وغيره من شروط الصلاة وأركانها .... ».
وقال ابن تيمية في شرح العمدة - كتاب الصلاة (ص: ٥٥٩): «إن أمكنه أن يتعلم دلائل القبلة ويستدل بها قبل أن يضيق الوقت لزمه ذلك؛ لأنه قادر على التوجه بالاجتهاد فلم يَجُزْ له التقليد كالعالم بالأدلة، وذلك لأن مؤونة تعلم أدلة القبلة يسيرة، لا تشغل الإنسان عن مصالحه فأشبه تعلم الفاتحة وصفة الوضوء وغيرها من فرائض الصلاة بخلاف تعلم أدلة الأحكام الشرعية وطريق الاجتهاد فيها فإن تكليف العامة ذلك يشغلهم عن كثير من مصالحهم التي لا بد لهم منها. فإن ضاق الوقت عن تعلم الأدلة والاستدلال بها فهو بمنزلة العاجز عن تعلم الأدلة يقلد غيره … ».
والقيد بقوله: (إن أمكنه … ) هذا الشرط لا يخرج وصف القول بالوجوب العيني؛ لأن جميع التكاليف مقيدة بالقدرة.
وجاء في الفروع (٢/ ١٢٧): ويستحب أن يتعلم أدلة القبلة .... فإن دخل الوقت وخفيت القبلة عليه لزمه قولًا واحدًا … ويقلد لضيق الوقت». وانظر كشاف القناع (١/ ٣٠٧، ٣١٢)، الروض المربع (ص: ٨٢)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧١)، المبدع (١/ ٣٦٠، ٣٦١)، الإنصاف (٢/ ١٣)، الممتع للتنوخي (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>