للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مقاصد، ووسائل: فالغاية هو استقبال البيت، والجهة وسيلة إلى ذلك، وإذا لزم القريب إصابة العين لزم البعيد الاجتهاد في إصابة العين؛ لأنه إنما يتوصل بالاجتهاد إلى ما كان يلزمه باليقين.

ومن قال: يجتهد في إصابة الجهة، رأى أن العين لما استحال تيقنها عادة أسقط الشرع اعتبارها، وأقام مظنتها -التي هي الجهة- مقامها، فتحولت الجهة من كونها وسيلة إلى كونها غاية، والله أعلم (١).

• وأما ثمرة الخلاف عند الفقهاء:

فقال الحنفية: «ثمرة الخلاف تظهر في اشتراط نية عين الكعبة في حق الغائب، أو نية الجهة تكفيه على قول من يرى وجوب النية» (٢).

وعلل بعض فقهاء الحنفية حصر الثمرة في النية قائلًا: «لأن إصابة عينها، وهو غائب عنها غيب لا يُطَّلع، فكان التكليف بها تكليفًا بما ليس بمقدور، فلا يجوز اشتراطها» (٣).

وإذا كان الاستقبال يصح بلا نية على الصحيح عند الحنفية بل عند الجمهور، كانت هذه الثمرة محدودة جدًّا.

وثمرة الخلاف عند المالكية:

إذا اجتهد، فأخطأ، فعلى القول بأن الفرض الجهة يعيد في الوقت، وعلى القول بأن الفرض الاجتهاد في إصابة العين: يعيد أبدًا.

وقال ابن الحق: «إن هذا الخلاف لا ثمرة له كما صرح به المازري، وأنه لو اجتهد وأخطأ فإنما يعيد في الوقت على القولين، وأما ما قاله الشارح فهو غير صواب؛ لأن القبلة على كلا القولين قبلة اجتهاد، والأبدية عندنا (يقصد: الإعادة أبدًا في الوقت وغيره) إنما هو في الخطأ في قبلة القطع» (٤)، يقصد لمن يعاين الكعبة، أو كان في مكة.


(١) انظر الذخيرة للقرافي (٢/ ١٣٠).
(٢) تبيين الحقائق (١/ ١٠١).
(٣) العناية شرح الهداية (١/ ٢٧٠).
(٤) انظر الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٤)، حاشية الصاوي مع الشرح الصغير (١/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>