للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الناس يقلدون المؤذن في دخول وقت الصلاة، وفي الإمساك والإفطار، ويقبلون قوله فَيُهْرَعُون إلى الصلاة بمجرد سماع الأذان، ودون الرجوع إلى الظل، ومن هنا تكلم الفقهاء في اشتراط العدالة في المؤذن، وهل يصح تقليد الفاسق، وقبول خبره في دخول وقت الصلاة؟

وللجواب على ذلك نقول، قبل الدخول في الخلاف ننبه على ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: أن المقصود بالعدالة عدم العلم بالمُفَسِّق، وليس المراد ثبوت العدالة، فيصح أذان مستور الحال، والذي لم يثبت جرحه، ولم تعلم عدالته، فافترق الإخبار بالأذان عن الإخبار بالرواية، والتي يشترط فيها ثبوت العدالة الباطنة على الصحيح.

قال ابن قدامة: «ولا خلاف في الاعتداد بأذان من هو مستور الحال، وإنما الخلاف فيمن هو ظاهر الفسق» (١).

المسألة الثانية: أنه لا يجوز أن يُوَلَّى الأذانَ رجلٌ فاسق، وإنما الخلاف فيما لو أذن الرجل الفاسق، أيُعْتَدُّ بأذانه، أم لا؟

جاء في تحفة المحتاج: «ولا يصح نصب راتب مميز، أو فاسق مطلقًا» (٢).

وفي حاشية الجمل: «يجوز أذان الفاسق وإمامته، ولا يجوز نصبه لهما» (٣).

وقال ابن تيمية «وفي أذان الفاسق روايتان أي في الإجزاء، فأما ترتيب الفاسق مؤذنًا فلا ينبغي أن يجوز قولًا واحدًا كما قيل في نفوذ حكم الفاسق إذا حكم بالحق وجهان، وإن لم تجز توليته قولًا واحدًا» (٤).

المسألة الثالثة: كثير من الفقهاء حمل الخلاف في أذان الفاسق إذا لم يعتمد عليه في دخول الوقت.

قال ابن نجيم: «ينبغي ألا يصح أذان الفاسق بالنسبة إلى قبول خبره، والاعتماد


(١) المغني (١/ ٣٠٠).
(٢) تحفة المحتاج (١/ ٤٧٣).
(٣) حاشية الجمل (٢/ ١٤٥).
(٤) النكت والفوائد السنية (١/ ١٠٨)، وانظر الاختيارات لابن تيمية (ص: ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>