قال ابن تميم في مختصره (٢/ ٥٩): «وحكم من كان بالمدينة في استقبال قبلة مسجد النبي ﷺ حكم من كان بمكة، ومن بعد عن مكة والمدينة بحيث لا يقدر على المعاينة، ولا على من يخبره عن علم ففرضه الاجتهاد إلى الجهة». وقول السادة الفقهاء: إنه بمنزلة المكي، فعليه يكون التفصيل في هذه المسألة كالتفصيل الذي سقته في أهل مكة. الأول: من يعاين المحراب النبوي، فهو بمنزلة من يعاين الكعبة، فيلزمه أن تكون قبلته مطابقة لقبلة المسجد النبوي، وينص الفقهاء بأن الانحراف اليسير شرقًا أو غربًا يؤثر في صح الصلاة. الثاني: من لا يعاين المحراب النبوي، فقيل: يلزمه إصابة العين مطلقًا، وهو مذهب الحنفية والمالكية. جاء في الدر المختار (ص: ٦١): «(فللمكي) وكذا المدني لثبوت قبلتها بالوحي (إصابة عينها) يعم المعاين وغيره … ». وقيل: الفرض في حقه الاجتهاد مطلقًا، فهو بمنزلة الغائب، رجحه بعض الحنفية. وقال الشافعية والحنابلة: إن كان قد نشأ في المدينة، أو أقام فيها كثيرًا لزمه إصابة عينها. وإن كان من غير أهلها، فإن كان الحائل أصليًّا كان له الاجتهاد في إصابة العين. وإن كان الحائل طارئًا فعلى قولين: أحدهما: يلزمه إصابة العين بيقين، وقيل: يجتهد في إصابة العين. راجع هذه التفاصيل والعزو إليها في المسألة السابقة، فإن هذه التفصيلات كلها تلزم من يقول: المدني يلزمه ما يلزم المكي، والله أعلم. (١) الجوهرة النيرة (١/ ٤٨).