للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إصابة عين الكعبة، بأن يقال: لا يلزم من القول بأن الانحراف اليسير يضر في الصلاة أن يقال به في قضاء الحاجة، ذلك أن النهي غير الأمر، فالنهي عن التوجه للجهة حال قضاء الحاجة قد يكون من باب الاحتياط خوفًا من إصابة ما هو مقصود بالنهي، وهو العين، بخلاف تحري إصابة العين في الصلاة، فهو مأمور بتحصيله، فكان الانحراف اليسير يؤثر في الحكم، فقياس الابتعاد عنها على الأمر بإصابتها فيه فرق، فالأول أوسع من الثاني.

الجواب الثاني:

لو كانت الآية نصًّا في دلالة استقبال العين للزم ذلك حتى البعيد عن مكة؛ لأن الآية تقول: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: ١٤٤].

وإصابة عينها، وهو غائب عنها غيب لا يمكن الاطلاع عليه، فكان التكليف به تكليفًا بما ليس بمقدور المكلف، فلا يجوز اشتراطه.

الدليل الثاني:

بأن المكي قادر على تحصيل اليقين، والقدرة على اليقين تمنع الاجتهاد؛ لأنه ظن؛ والمصير إلى الدليل الظني مع إمكان اليقين لا يجوز.

وإذا كان القادر على الاستخبار لا يتحرى، فإذا امتنع المصير إلى ظني لإمكان ظني أقوى منه فكيف يترك اليقين مع الظن؟ (١).

• ويناقش:

على التسليم بأنه قادر على تحصيل إصابة العين، فإن المشقة تجلب التيسير، وإذا كان البعيد عن مكة فرضه الجهة، ويتعذر عليه إصابة العين، فكذلك الغائب عن الكعبة، ولأنا لو ألزمناه صعود الجبل للزم من كان بينه وبين الكعبة ميل أو ميلان: أن يمضي إليها ويشاهدها، ولو ألزمناه ذلك لم ينفصل عمن بينه وبين الكعبة مسيرة يوم أو أكثر أن يمضي إليها، فسقط ذلك عن الجميع (٢).


(١) انظر حاشية ابن عابدين (١/ ٤٢٨).
(٢) البيان للعمراني (٢/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>