للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال العمراني في البيان: «ضرب يتيقن إصابة الكعبة، وإن لم يكن مشاهدًا لها، كمن نشأ بمكة، فإنه يعلم بجري العادة القِبْلَة، ويتيقنها، وإن غاب عنها في بيته … » (١).

وقال في شرح منتهى الإرادات: «لأن من نشأ بمكة، أو أقام بها كثيرًا يمكنه اليقين» (٢).

والقدرة على اليقين تمنع الاجتهاد؛ لأن الظن لا يصار إليه مع إمكان اليقين.

وإن كان قادمًا عليها من غير أهلها لم يَتَحَرَّ في حالين:

الحال الأولى: أن يجد من يخبره عن القبلة من أهل مكة، ممن تقبل شهادته (٣)، على خلاف بين الفقهاء:

فقيل: لا يتحرى مطلقًا، سواء أكان يخبره عن اجتهاد، أم عن يقين، وهو مذهب الحنفية، وقول في مذهب الحنابلة (٤).

قال الزيلعي في تبيين الحقائق: «إذا كان بحضرته من يسأله عنها، وهو من أهل المكان، عالم بالقبلة، فلا يجوز له التحري؛ لأن الاستخبار فوق التحري» (٥).

ولأن أهل كل موضع أعرف بقبلتهم من غيرهم.

قال ابن عابدين: «أهل البلد لهم علم بجهة القبلة المبنية على الأمارات الدالة عليها … فكان فوق الثابت بالتحري» (٦).

يقصدون بالتحري ميل القلب بلا أمارة.

وتعليل الحنفية بأنه يمتنع المصير إلى الظني مع إمكان ظنٍّ أقوى منه، دليل


(١) البيان للعمراني (٢/ ١٣٩).
(٢) شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧٠).
(٣) اتفق الفقهاء على قبول خبر المكلف (البالغ العاقل) إذا كان عدلًا، سواء أكان رجلًا أم امرأة، ولا يقبل خبر المجنون والصبي الذي لا يميز.
واختلفوا في قبول خبر الصبي المميز، والمستور، والفاسق. وسوف يأتي إن شاء الله بحث مستقل لهذه المسألة، أسأل المولى سبحانه عونه وتوفيقه.
(٤) حاشية ابن عابدين (١/ ٤٣١)، تبيين الحقائق (١/ ١٠١)، الإنصاف (٢/ ١٠).
(٥) تبيين الحقائق (١/ ١٠١).
(٦) حاشية ابن عابدين (١/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>