للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فشق ذلك على الطائفين وأربك جموعهم؛ لأن الطائف سيتوقف عن الطواف ليتحرى إصابة الخط، والخط مستتر تحت أقدام الطائفين فمع كثرة الزحام يتدافع الطائفون؛ ليتمكنوا من رؤية الخط، فحين رأى من وضعَ ذلكَ آثارَ مخالفة السنة أمر برفع الخط، وقد أحسنوا إذ فعلوا.

وقال بعضهم: إن الصف الطويل محاذٍ حقيقة لا اسمًا.

جاء في شرح مشكل الوسيط: «لا يقدح في القول بالعين صحة صلاة الصف الطويل؛ لأنه كلما بعدت المسافة كثر المحاذي للعين حقيقة، ألا ترى أن النار المشتعلة على رأس جبل يقف من لا يُحْصَى من الخلق في محاذاتها بحيث يكون كل واحد منهم محاذيًا لعينها حتى لو مدَّ من موضعه خيطًا إليها لاتَّصَلَ الخيط بها نفسها» (١).

وهذا القول هو ظاهر مذهب الحنابلة، فقد نص الحنابلة بأنه إذا حال بين المصلي والكعبة حائل حادث ليس أصليًّا، فلا بد من تيقنه محاذاة الكعبة ببدنه بنظره إلى الكعبة. فأوجبوا المحاذاة بالبدن والنظر (٢).

وإذا كان هذا الواجب في حق من لا يرى الكعبة، فكيف بمن يراها عن بعد.

والقولان يتفقان على صحة الصلاة، وإنما يختلفون في توصيف محاذاة الكعبة، فبعضهم يقول: هي محاذاة بصرية لا حقيقية، وآخرون يقولون هي محاذاة حقيقية بالجسد.

وقال الشافعية والحنابلة: إن في معنى المعاين من نشأ بمكة، وتيقن إصابة الكعبة، وإن لم يشاهدها حال الصلاة (٣).

* * *


(١) شرح مشكل الوسيط (٢/ ٧٢).
(٢) انظر كشاف القناع (١/ ٣٠٥)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧٠)، الإنصاف (٢/ ٩)، المبدع (١/ ٣٥٦)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٨٢).
(٣) روضة الطالبين (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>