للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافًا (١).

لأن من لم يستقبلها مع معاينتها فقد تيقن انحرافه عنها، وذلك غير جائز، ولا خلاف فيه (٢).

ولأن الاجتهاد مع المعاينة أخذ بالظن، مع إمكان اليقين، وإذا أمكن القطع لم يَصِرْ إلى الظن.

ولأن الاستقبال إذا كان شرطًا في صحة الصلاة، كما دلَّلتُ على ذلك في مسألة مستقلة، فإن انتفاء الشرط يعني انتفاء المشروط.

قال الأثرم: «سألت أحمد بن حنبل عن قول عمر: ما بين المشرق والمغرب قبلة، فقال: هذا في كل البلدان إلا مكة عند البيت، فإنه إن زال عنه بشيء، وإن قلَّ، فقد ترك القبلة» (٣).

واتفقوا على أن حكم من اقترب من الكعبة، أنه يلزمه أن يكون استقباله محسوسًا مقطوعًا به.

فإن بعد عن الكعبة، وهو يشاهدها، فهل محاذاته لعينها حقيقية بالجسد، أو هي محاذاة بصرية متوهمة؟ قولان لأهل العلم:

أحدهما: أن المحاذاة بصرية، وليست حقيقية بالجسد. وهذا قول بعض المالكية، وبعض الشافعية.

ودلَّل هؤلاء على كلامهم: بأن الصف كلما اقترب من الكعبة صار قصيرًا، وكلما ابتعد أصبح طويلًا، مع أن حقيقة المحاذاة لا تختلف بالقرب والبعد.

يقول إمام الحرمين: «ولو اقترب صف من البيت، واصطفوا، فقد لا يحاذي الكعبة منهم من في جهة الاستقبال إلا عشرون أو نيف وعشرون، ويخرج طرف الصف إن زادوا … فلا تصح صلاة الخارجين عن المحاذاة في القرب؛ لخروجهم


(١) المغني (١/ ٣١٧).
(٢) انظر المنتقى للباجي (١/ ٣٤٠).
(٣) الاستذكار لابن عبد البر (٢/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>