للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المطلقة على الروايات المقيدة.

ولأن الأصل استقبال القبلة، وقد أجمع العلماء على جواز ترك الاستقبال في السفر الطويل (١)، واختلفوا في الحضر، فإذا تردد الأمر، وصارت الروايات متعارضة، أخذنا بالمتيقن المتفق عليه، وتركنا المختلف فيه.

ولأن الأصل في العبادات الحضر، قال الأثرم: قيل لأحمد بن حنبل الصلاة على الدابة في الحضر فقال: أما في السفر فقد سمعنا، وما سمعت في الحضر (٢).

ولأن الأسفار التي حكى ابن عمر وغيره عن النبي -أنه صلى فيها على راحلته تطوعًا كانت مما تقصر فيها الصلاة، فكأن الرخصة خرجت على ذلك، فلا ينبغي أن تتعدى؛ لأنه شيء وقع عليه البيان، كأنه قال: إذا سافرتم مثل سفري هذا فافعلوا كفعلي هذا، ولعموم (صلوا كما رأيتموني أصلي).

ولأن النصوص وردت بجواز التنفل على الدابة خارج المصر على خلاف القياس، وداخل المصر ليس في معناه؛ فلا يلحق به؛ لأن الحاجة إلى الركوب خارج المصر أغلب.

والقول بأنه على خلاف القياس ليس مسلمًا، وكونه خرج عن نظائره لمعنى اقتضاه لا يعني أنه على خلاف القياس.

ولأن الغالب من حال المقيم اللبث والاستقرار، فأنيط الحكم بالغالب، وهو وجوب الاستقبال.

وعلل بعض الفقهاء بأن النزول وربط الدابة خارج المصر فيه حرج، وليس كذلك داخل المصر (٣).

وهذا التعليل حين كانت الدواب وسيلة النقل، وأما الآن فوسيلة النقل السيارة والطائرة والقطار، ولله الحمد، وقد تكون هذه الوسائل لا تزال موجودة في بعض القرى النائية في العالم الإسلامي.


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٨/ ٤٩٣).
(٢) التمهيد لابن عبد البر (١٧/ ٧٨)، الاستذكار (٢/ ٢٥٨).
(٣) انظر مختلف الرواية للسمرقندي (ص: ١٨٧، ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>