للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعاينها استقبالها، وأنه إن ترك استقبالها، وهو معاين لها، أو عالم بجهتها، فلا صلاة له، وعليه إعادة كل ما صلى … » (١).

وقد حكى الإجماع أيضًا الكاساني في البدائع (٢)، وابن حزم في مراتب الإجماع (٣)، وابن قدامة (٤)، فكان الاستقبال مترددًا بين الشرط والوجوب.

والفقهاء مختلفون في ترك الشروط نسيانًا هل يوجب الإعادة؟

فقيل: يوجب الإعادة مطلقًا، في المأمورات والمنهيات.

وقيل: يوجب الإعادة منها ما كان من جنس المأمورات، بخلاف المنهيات فيعذر فيها بالنسيان كحديث أبي سعيد في خلع النبي -نعليه، وهو في الصلاة حين أخبره جبريل أن بهما أذى، وبنى على صلاته.

وبعضهم يفرق بين الواجبات، فما كان مأخذه منها قويًّا أوجب الإعادة أبدًا، وما كان مأخذ الوجوب ضعيفًا لم يوجب الإعادة، وربما أوجب الإعادة في الوقت.

وقد تجَلَّت لنا أدلة هذه الأقوال ضمن خلاف الفقهاء في حكم استقبال القبلة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وإنما اقتضى التقسيم التذكير بالنسيان وحده، هل يكون عذرًا يسقط به الشرط، أو ليس بعذر؟ فلله الحمد على توفيقه وتسديده، والذي أميل إليه أن استقبال القبلة واجب للصلاة، وليس شرطًا؛ إذ لو كان شرطًا ما سقط بالخطأ، فإن الخطأ يرفع الإثم عن المكلف، وتبقى ذمته مشغولة بالأداء، كاشتراط الطهارة من الحدث، لا يسقط بالخطأ، ولا بالنسيان، والله أعلم.

* * *


(١) التمهيد (١٧/ ٥٤).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ١١٧).
(٣) مراتب الإجماع (ص: ٢٦).
(٤) المغني (١/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>