للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال القرطبي: الكمال يستدرك في الوقت استدلالًا بالسنة فيمن صلى وحده، ثم أدرك تلك الصلاة في وقتها في جماعة، أنه يعيد معهم (١).

• دليل من قال: الاستقبال ركن:

هذا القول يرى أن الشروط تتقدم على الصلاة، كالطهارة وستر العورة، فلم تكن أركانًا، بل هي شرائط، بخلاف وجوب استقبال القبلة فإنه يختص بالصلاة، ولا يجب تقدمه على عقدها (٢).

• ويناقش:

لا نسلم أن الاستقبال لا يتقدم الصلاة، بل هو متقدم عليها، وليس جزءًا من ماهيتها.

قال -في حديث المسيء صلاته: إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر … الحديث متفق عليه.

فقوله: (إذا قمت إلى الصلاة) إشارة إلى النية، وهي شرط على الصحيح، وسيأتي الخلاف فيها إن شاء الله تعالى.

وقوله (فأسبغ الوضوء) إشارة إلى الطهارة، وهي شرط أيضًا بالاتفاق.

وقوله (ثم استقبل القبلة، فكبر) فكانت النية والوضوء والاستقبال أفعالًا سابقةً على الدخول في الصلاة، لأنها كلها سابقة للتحريمة، وما كان سابقًا لتكبيرة الإحرام فهو ليس جزءًا من الصلاة، لهذا عدت هذه الأفعال من الشروط، بخلاف الركن من قيام وركوع وسجود فهذه جزء من حقيقة الصلاة، فعدت من الأركان، والله أعلم.

• الراجح:

أرى أن الاستقبال واجب مع القدرة، ويسقط بالعجز، والخوف، والنسيان، فإذا صحت صلاة المخطئ في القبلة، صحت صلاة ناسي القبلة، ولا يصح قياس نسيان القبلة على نسيان الحدث؛ بجامع أن كُلًّا منهما من المأمورات، فلا تسقط بالنسيان؛ لأن من ظن بقاء طهارته، فصلى، فتبين أنه محدث وجبت عليه إعادة الصلاة، ومن تحرَّى القبلة، فصلى، فتبين أنه مخطئ لم يُعِدْ،


(١) تفسير القرطبي (٢/ ٨٠).
(٢) انظر كفاية النبيه (٣/ ٢٥١)، وانظر نهاية المطلب (٢/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>