للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: يبني مطلقًا، بعيدة كانت السترة أو قريبة، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).

وقيل: إن كانت السترة قريبة منه أخذها واستتر، وكمل صلاته، وهذا قول الجمهور، على خلاف بينهم فيما لو ترك الاستتار مع قرب السترة.

فقال المالكية: صلاته صحيحة، ويعيد الصلاة ندبًا في الوقت (٢).

وقال الشافعية: تبطل صلاته، وهو المشهور في مذهب الحنابلة (٣).

وحد القرب والبعد قيل: التقدير بالعرف، وهو مذهب الحنابلة.

وحده المالكية بقرب المشي للسترة.

• منشأ الخلاف:

من قال: وجود السترة في أثناء الصلاة يمنع البناء؛ بنى ذلك على أن آخر الصلاة أقوى من أولها، والأقوى لا يبنى على الأضعف.

ولأنه بمنزلة الرجل يتيمم، ثم يجد الماء في أثناء الصلاة فإن صلاته تبطل.

ولأن الفرق بين وجود السترة بعد الصلاة وفي أثنائها: أن ظهور السترة في أثنائها كظهور الخطأ في الدليل قبل بت الحكم فإنه يجب الاستئناف إجماعًا، وبعدها كظهور الخطأ بعد بت الحكم وتنفيذه.

ومن قال: يمكنه البناء على صلاته: بنى مذهبه على اعتبار أن أول الصلاة صحيح؛ لأن الستر قد سقط عنه بالعجز، وكما استدار الصحابة رضوان الله عليهم في أثناء الصلاة لما أخبروا بتحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، ولم يستأنفوا.

فإن قيل: إن أول صلاتهم كان صحيحًا.

فالجواب وكذلك صلاة العاري قبل وجود السترة كان صحيحًا، والتكليف بالستر لم تشغل به الذمة إلا من حين وجد الإمكان، لهذا أمكن بناء آخرها على أولها.


(١) الإنصاف (١/ ٤٦٦).
(٢) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٢)، منح الجليل (١/ ٢٣٠)، التاج والإكليل (٢/ ١٩٣)، مواهب الجليل (١/ ٥٠٧)، شرح الخرشي (١/ ٢٥٤)، الذخيرة للقرافي (٢/ ١٠٤)، التوضيح لخليل (١/ ٣٠٥).
(٣) المهذب في فقه الشافعي (١/ ١٢٨)، المجموع (٣/ ١٨٣)، مغني المحتاج (١/ ٤٠٠)، الكافي لابن قدامة (١/ ٢٣٠)، الإنصاف (١/ ٤٦٦)، الإقناع (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>