للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا. قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس … الحديث، والحديث رواه مسلم (١).

ومع أن هناك فرقًا كبيرًا بين أن يستثني الإنسان من ماله مقدار الثلث، وبين أن يأخذ الأجنبي من ماله الثلث فأكثر، كما أن هذا قيل في باب الوصية، فسحب هذا الحكم على كل شيء في أبواب الفقه، في العبادات والمعاوضات، فيجعل ما زاد على الثلث كثيرًا في كل شيء فيه تكلف، وفيه قياس أمور على أخرى دون أن يكون هناك علة جامعة.

• الراجح من الخلاف:

من قال: لا يجب عليه الشراء إذا زاد عليه أدنى زيادة عن سعر المثل فهذا قول ضعيف.

وبقي الترجيح بين قول من يقول: إن الغبن إذا كان فاحشًا لا يجب الشراء، وقول من يوجبه ولو كان الغبن فاحشًا إذا كان ذا مال، وكانت الزيادة لا تضره، فهذان القولان لهما حظ من النظر.

وإن كنت أرى أن المشتري يحق له أن يأخذه بسعر مثله من البائع، ولا يستحق البائع تسليم الزيادة الفاحشة، لأنها استغلال لحاجته، خاصة إذا كان البائع تاجرًا، وليس مجرد مالك لا يرغب في البيع أصلًا إلا أن يعرض عليه ما يدفعه للبيع، وكانت الزيادة ليست نتيجة لكثرة الطلب على الماء، فاستغلال التجار لحاجة الشخص، ورفع السعر على المحتاج بزيادة فاحشة عمل محرم، فإن منعه كان ما يأخذه البائع محرمًا عليه، وجاز الشراء من المحتاج لدفع حاجته، ولا يجب عليه، والله أعلم.

* * *


(١) البخاري (٥٣٥٤)، ومسلم (١٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>