فعلى هذا يكون الاتفاق بين الأئمة الأربعة على أن النساء لا يصلين مع الرجال، بل يصلي كل نوع وحده، وإنما الخلاف بينهم، هل يصلي كل نوع فرادى أو جماعة؟
فالحنفية والمالكية ذهبوا إلى أنهم يصلون فرادى، على اختلاف بينهم في مسألتين: هل ذلك على سبيل الاستحباب أو الوجوب؟
وهل يصلون قعودًا بالإيماء، أو قيامًا بإتمام الركوع والسجود؟
ورأى الشافعية والحنابلة أنهم يصلون جماعة إن أمكن، الرجال وحدهم، والنساء وحدهن، فإن ضاق المكان صلى الرجال وحدهم، واستدبرهم النساء، ثم عكسوا، كاختلافهم في الرجال العراة هل يصلون فرادى أو جماعة، وقد ذكرنا أدلتهم فيما سبق
وإنما منع الفقهاء من صلاة النساء مع الرجال؛ لأن النساء العاريات لا يمكن لَهُنَّ أن يَكُنَّ في صف واحد مع الرجال حتى لا ترى عوراتهن؛ لأن مصافة النساء للرجال غير جائزة مطلقًا، لا في حال التستر التام ولا في حال العري.
وكذلك صلاتهن خلف الرجال غير ممكنة أيضًا؛ لتعري الرجال أمامهن، وقد أمر النبي ﷺ -النساء كما في حديث سهل بن سعد عند البخاري، بتأخير الرفع من السجود، لاحتمال انكشاف يسير غير مقصود في زمن يسير جدًّا، فربما وقع نظر الواحدة منهن على جزء من العورة المخففة، وربما كان انكشافًا مظنونًا غير متيقن، ومع ذلك أمرهن بتأخير الرفع من السجود ولو أدى ذلك إلى ترك سنة المتابعة، فما بالك بالتعري الكامل، الذي لا يمكن علاجه بتأخير المتابعة، والله أعلم.