للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويفهم منه: أن الاحتباء إذا كان على فرجه ثوب آخر لا يدخل في النهي، فالحديث من أحكام ستر العورة، وأدلته ثابتة لا نقاش في صحتها.

وأما حديث معاذ بن أنس فهو مطلق من حيث اللباس، حيث ينهى عن الاحتباء سواء أكان عليه ثوب واحد أم أكثر.

ومقيد من حيث الزمن، حيث يختص في حال سماع الخطبة. وإذا كان بينهما عموم وخصوص من وجه فلا يقدم حديث معاذ بن أنس مع ضعفه على أحاديث الصحيحين، بل أحاديث الصحيحين مقدمة عليه.

وبعضهم حاول الجمع بين حديث معاذ بن أنس وبين حديث أبي هريرة وأبي سعيد بأن حمل النهي في حديث معاذ بن أنس على من يحتبي، والإمام يخطب؛ من أجل أن ذلك يشغله عن سماع الخطبة، ولا يدخل فيه من احتبى قبل شروع الإمام في الخطبة، واستمر على ذلك إلى نهايتها، وهذا الجمع تَوَجَّهَ له الطحاوي من الحنفية (١).

وبعضهم قال باختلاف العلة، فالعلة ليست واحدة بين هذه الأحاديث:

فعلة النهي عن الاحتباء في الثوب الواحد كان ذلك من أجل ستر العورة، ولهذا اختَصَّ النهي في الثوب الواحد.

وأما النهي عن الاحتباء والإمام يخطب فمن أجل أن هذه الهيئة تجلب النوم المؤدي إلى انتقاض الوضوء، فيؤدي ذلك إلى قطع استماع الخطبة، فيتوجه النهي ولو كان على فرجه ثوب آخر.

وهذا الجمع يتجه لو كان حديث أنس بن معاذ حديثًا صحيحًا، ولم تقع مخالفته من الصحابة فممن بعدهم، فلو كان النهي محفوظًا ما خالفه ابن عمر حتى ولو كان النهي من باب التنزيه، ولما خالفه جمع كثير من التابعين والأئمة الأربعة، والله أعلم.


(١) انظر مشكل الآثار (٧/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>