للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأول: إذا لم يختلط عقله، ولم يتأثر بالسكر، فهذا لم يدخل في حد السكران، وإن كان فعله محرمًا، فإن أذن صح أذانه؛ لأنه لو صلى لصحت صلاته، فأذانه من باب أولى.

قال تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣].

فجعل غاية النهي أن يعلم ما يقول.

جاء في شرح التحرير: «إن ميز السكران بين الأعيان، فحكمه حكم سائر العقلاء، بلا نزاع؛ لأنه عاقل يفهم، مكلف، كغيره من العقلاء» (١).

وجاء في حواشي الشرواني: «يصح أذان سكران في أوائل نشوته؛ لانتظام قصده» (٢).

ولأن بطلان أقوال السكران معلل بتأثير السكر على عقله، فإذا لم يُغَطِّ عقلَه لم تبطل أقواله؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.

الثاني: سكران لا يعرف الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة، فهذا لا اختلاف في أنه كالمجنون، لا عبرة بأقواله؛ لأنه لا يصح له قصد صحيح (٣).

جاء في مدارج السالكين: «قيل للإمام أحمد: بماذا يُعْلَمُ أنه سكران؟

فقال: إذا لم يعرف ثوبه من ثوب غيره، ونعله من نعل غيره.

ونقل عن الشافعي: إذا اختلط كلامه المنظوم، وأفشى سره المكتوم. قاله الشيخ محمد التيمي» (٤).

قال ابن تيمية: «صلاة السكران الذي لا يعلم ما يقول لا تجوز باتفاق» (٥).


(١) التحبير شرح التحرير (٣/ ١١٨٣)، وانظر البيان والتحصيل (٣/ ٢٧٠، ٢٧١)، (٤/ ٢٥٨)، عقد الجواهر الثمينة (١/ ٩٠)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (٣/ ١٥)، أسنى المطالب (١/ ١٢٩)، فتح العلي المالك (٢/ ٨).
(٢) حواشي الشرواني مع تحفة المحتاج (١/ ٤٧٠)، وانظر نهاية المحتاج (١/ ٤١٤).
(٣) انظر: الإشراف لابن المنذر (٥/ ٢٢٧)، اختلاف الفقهاء للمروزي (١/ ٢٧٣)، المحلى (٦/ ٢١٥).
(٤) مدارج السالكين، ط عطاءات العلم (٤/ ٢٣١)، ومنار السبيل (٢/ ٢٣٢).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>