للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فنرجع إلى السدل بالمعنى اللغوي، فنجد أن السدل هو إرسال الثوب فيصدق في إرسال الرداء كما قال الجمهور، ويصدق في إرسال الإزار حتى يمس الأرض كما قال الشافعية، فإذا رجعنا إلى الآثار المروية عن الصحابة، كالأثر الوارد عن علي بن أبي طالب وابن عمر ، وقد صرحوا أن العلة هو التشبه باليهود، ولم يذكروا علة غيرها، فكان حمل اللفظ على إرسال الرداء أقرب من حمله على إرسال الإزار، كما أنه يدل على كراهة السدل مطلقًا، سواء أكان عليه قميص أم لا، وهل يدل على الكراهة أو على التحريم:

يقال: الأصل فيما علته التشبه الكراهة، وقد يرقى التشبه إلى الكفر، وقد ينزل إلى ما هو معدود في خلاف الأولى وهو أخف من المكروه، كالأمر في الصلاة في النعال مخالفة لليهود، وكل ذلك يتوقف على القرائن، فإن خلا الحكم من القرائن فالأصل فيه الكراهة كالنهي عن السدل.

وأما من علل النهي بانكشاف العورة، فإنما قاله فهمًا وتفقهًا من عنده، لا من النص، ومن ثم فرَّع على هذا الفهم بأن النهي عن السدل خاص بما إذا لم يكن تحت الرداء قميص، فإن كان تحته قميص فلا حرج في السدل، وهذا تقييد لما أطلق بعلة مظنونة، والصحابة أعلم بالعلة من غيرهم، والله أعلم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>