للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الله، وقليل ما هم» (١).

ولم يكشف قول الألباني عن حكم الصلاة في البنطال، وإن كان يرى أن لبسه معصية، ولا يلزم من تحريم اللبس بطلان الصلاة، وقد ذكر الألباني علتين في تحريم لبسه: وهو التشبه، وتجسيم العورة، وهاتان العلتان قيلت في كراهة لباس السراويل، ولم يذهب المتقدمون من أجلها إلى تحريم اللبس، أو بطلان الصلاة، والله أعلم.

هذا من جهة حكم الصلاة في البنطال، من الرجال والنساء.

وأما حكم لبسه خارج الصلاة فهذا له باب آخر، وبادي الرأي أنه خاضع للعرف، ومراعاة السياسة الشرعية، ولباس المرأة أضيق من لباس الرجل، وما يباح للرجال في اللباس أوسع مما يباح للنساء؛ لأن عورة المرأة أعم من عورة الرجل، والفتنة بها أشد، ومن ساوى بينهما في التحريم فلم يصب، وقد قال الرسول -للنساء كما في حديث سهل بن سعد في البخاري: لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال، فاحتاط النبي -لنظر النساء لما قد يبدو من الرجال أكثر من احتياطه لنظر الرجال لبعضهم البعض، واغتفر النبي -تفويت المتابعة المستحبة للصلاة من أجل الاحتياط لنظر النساء، ولم يوجه مثل هذا الخطاب للرجال في نظر بعضهم إلى بعض بلا قصد، فيؤخذ من هذا أن الاحتياط في نظر المرأة للرجل ونظر الرجل للمرأة أشد من نظر الرجل للرجل والمرأة للمرأة، ولا يصح القول بأن حديث سهل بن سعد كان ضرورة، لأنه كان بالإمكان الاتزار بالثوب فيكون سابغًا، بدلًا من شده على العنق مما قد يتسبب عنه تقلص الثوب عند السجود فتنكشف له بعض العورة.

وقال النبي : لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة رواه مسلم (٢).

فهذا الحديث جعل النهي بين الجنس الواحد مختصًّا بالنظر إلى العورة، ولم يقل: ولا ينظر الرجل إلى عورة المرأة، لأن الممنوع والله أعلم في نظر الرجل إلى المرأة أعم من أن يكون مقصورًا على العورة؛ لأن الفتنة بها أشد.

وإن كنت لا أحب للرجال لبس البنطال، فإن دعت حاجة إليه كالسفر إلى بلاد


(١) نقلًا من كتاب القول المبين في أخطاء المصلين (ص: ٢٠ - ٢١).
(٢) صحيح مسلم (٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>